الأحد، 13 ديسمبر 2009

موسم الحج الى سلوان

في كل صباح ومساء تطالعنا الصحف ومواقع الانترنت بأخبار المتضامنين مع سلوان والحاجين اليها, وتطالعنا تصريحاتهم بصمود أهل القدس في بيوتهم وعلى أراضيهم وخاصة أهالي سلوان, كما وتطل علينا تحليلاتهم وتصريحاتهم بالخطوات التي سيتخذونها للذود عن القدس وعن سلوان وعن مخططات الهدم والتهويد التي تحضرها بلدية القدس مدعومة بالمؤسسة الاسرائيلية بكل أذرعها, الحكومية والقضائية وحتى التنفيذية متمثلة بالشرطة والجيش والشاباك.

الانطباع الذي يظهر جلياً من تصريحات المصرحين وصلوات الحاجين الى سلوان, أن قادتنا لا يزالون في حالة التخبط واحتراف رد الفعل, وأنهم حتى لا يفهمون الوضع والحالة القانونية التي تتواجد فيها القدس الشرقية بشكل عام وحي سلوان وبيوته المهددة بالهدم بشكل خاص, ولذا من الطبيعي أن لا يعرف قادتنا ماذا عليهم أن يفعلوا لحماية القدس ومن البديهي أن لا تكون لديهم أي مخططات فعلية أو خطة عمل لمواجهة مخططات الهدم والتهويد.

فهاك ترى الجميع يصرح بأن بلدية القدس تنوي هدم البيوت في حي البستان في سلوان وعددها 88 بيتاً, وأن البلدية قد أصدرت أوامر هدم بذالك, والسؤال هو هل يعلم أي من قادتنا على أي أساس ووفقاً لماذا تنوي بلدية القدس هدم هذه البيوت؟ وهل نفهم الحالة القانونية لحي البستنان وبيوته المهددة بالهدم حتى نعرف كيف نتعامل مع الموضوع ومع الواقع المفروض؟ وهل نعرف الحالة القانونية لمناطق وبيوت أخرى بالأحياء المختلفة لشرقي القدس مثل رأس خميس وحي العباسية وغيرها؟

الجواب وللأسف وكما يبدو هو لا!

ليس فقط أن قادتنا المختلفين والنوابغ ليسوا على دراية ووعي كافي بالواقع الموجود, بل لا ترى على أرض الواقع أي تأثير فعلي للحركات والمؤسسات العربية والفلسطينية على اختلافها, فترى نشاطها مقتصراً فقط على زيارات لخيمة الاعتصام في سلوان والتقاط الصور من عدسات المصورين واطلاق التصريحات المختلفة والتشديد على أهمية النضال الشعبي والجماهيري.

يمكن القول أنه اليوم قد أصبح جهاز القضاء والمحاكم الاسرائيلية في القدس, أشبه بالمحاكم العسكرية, وباتت قرارات الحكم أشبه بقرارات حكم يكتبها رئيس الحكومة أو رئيس البلدية بنفسه, فترى حتى القضاه- والذين من المفروض أن يكونوا على الحياد وأن يقرروا حسب "القانون" الاسرائيلي وقواعد اللعبة القانونية المفروضة- أصبحوا يسعون لفرض واقع جديد تكون فيه المصالح اليهودية الاستيطانيية في القدس أموراً طبيعية بل ويجب على الجهاز القضائي أن يأخذها بالحسبان لمصلحة المصادقة على هدم البيوت العربية والفلسطينية في البلاد.

القضاء المسيَس والداعم لاستيطان اليهود وتهويد القدس يمتد على طول المحاكم المختلفة في القدس, بداية بمحكمة الشؤون المحلية ( محكمة البلدية) وهي المحطة الأولى بالمصادقة على أوامر الهدم, وثانياً المحكمة المركزية والتي ترسم سياسة قانونية وسوابق قضائية لتهويد القدس وهدم بيوت الفلسطينيين بلباس قانوني, وأخرها المحكمة العليا والتي تتابع وتكمل اللمسات الأخيرة لرسم سياسة تهويد القدس واعطائها صبغة قانونية.

للأسف, بنظر الكثير من المراقبين أصبح جهاز القضاء الاسرائيلي مخترقاً ومسيَساً ويعمل يداً بيد مع الحكومة الاسرائيلية وبلدية القدس من أجل إتمام مشاريع التهويد وهدم بيوت العرب في شرقي القدس, واذا لم يتم مواجهة هذا الخطر فلن يبقى للوجود الفلسطيني بشرقي القدس الا ما تريده المؤسسة الاسرائيلية وبلدية القدس.

لا بد من الإعتراف أن جميع نشاطاتنا ومشاريعنا وخطط عملنا هي ضمن "القانون الاسرائيلي" وحدود اللعبة المرسومة, وهي بنهاية المطاف وبشكل أو بأخر تمر بجهاز القضاء, فإن كان نشاطنا سياسياً متمثلاً بنشاطات سياسية أو اجتماعية, أو قانونياً متمثلاً بدعاوى أو اعتراضات قانونية, أو حتى تخطيطياً وهندسياً من أجل بناء ورسم مخططات هندسية ومعمارية لاستصدار رخص بناء أو تنفيذ مشاريع اعمارية, تمر بطريقة أو باخرى تحت يدي جهاز القضاء الاسرائيلي للمصادقة عليها.

برأينا وبحكم الخبرة والعمل اليومي ومعالجة المئات من قضايا هدم البيوت في شرقي القدس وسلوان, فان "معالجة" جهاز القضاء والتصدي لعملية تسييسه هي أهم المشاريع التي على قيادتنا الجماهيرية فعلها ومواجهتها, والأمر موجه خاصة لأعضاء الكنيست العرب الذين بوسعهم محاولة تغيير الوضع القضائي والتأثير فيه, إما عن طريق اعلاء الموضوع على طاولة الكنيست أو استجواب وزير العدل وغيره من الذين يرسمون سياسة القضاء, أو بعقد مؤتمرات صحفية تفضح قرارت حكم القضاء الاسرائيلي, أضافة لطرق أخرى عديدة لا يتسع الحديث عنها على الشبكة العنكبوتية وضمن مقال واحد.

فلا يمكن ومن غيل المعقول ولا المقبول أن يصدر قرار حكم لقاضي في محكمة العدل العليا يعترف فيه بالحق اليهودي بشرقي القدس وأهمية المنطقة من ناحية دينية يهودية وأثرية وبناءاً عليه يصادق على هدم بيوت الفلسطينيين في سلوان, ولا يكون رد فعل "قانوني" أو تعقيب للقادة وأعضاء الكنيست العرب ولا تتطرق الصحف العربية لهكذا أمر!

تماماً مثل قرار المحكمة المصادقة على المظاهرة الاستفزازية لليمين المتطرف في أم الفحم, فلم تسمع أي شخصية عربية تهاجم المحكمة العليا الاسرائيلية والقاضي الذي أصدر قراراً كهذا أو حتى تحاول التأثير على قرارات المحكمة العليا وهي أكثر القرارات بعداً عن الحياد والموضوعية, فاليوم تقوم المحكمة العليا باصدار قرارات حكم مجحفة وذالك لكسب رأي الشارع اليهودي وتخفيف حدة الهجوم عليها من قبل الشارع اليهودي الاسرائيلي.

هنالك الكثير الكثير ليقال, فحال شعبنا ومؤسساتنا وقادتنا وطريقة عملهم لا تتناسب ولا ترقى لدرجة التحديات, ولكن طول الكلام بوابة الملل وفقدان المقال لمغزاه.

ختاماً وللأسف الشديد, في هذه المعركة مع المؤسسة الاسرائيلية, ترى الجمعيات اليهودية الاستيطانية والمؤسسة الحكومية وبلدية القدس تنفق ملايين الدولارات في مشروعاتها وفي بناء المخططات, ويتبين لك أن لديهم مشروع عمل مدبر ومخطط تقف من ورائه المؤسسة الاسرائيلية بكل جبروتها, أما نحن كعرب وفلسطينيين في هذا البلاد ليس لدينا أي تخطيط ولا نشاط له وزن, ولا خطة عمل لمواجهة التحديات, بل قل ولا أي فعل يذكر يغير ولو القليل من الواقع الموجود, إلا التصريحات الجوفاء ولبس أجمل الملابس في موسم الحج الى سلوان.

هناك 3 تعليقات:

  1. قرأت مقالك أخ وسام كاملا..

    علقت على قضية مهمة وهي عدم وجود خطة عمل مسبقة ، وحياتنا تعتمد رد الفعل مما يضطرها ان تقتصر على بيانات وزيارات تضامن لا يليها شيء فتتحول فعلا الى جوفاء..!

    ولكن قلت :

    "وهل نعرف الحالة القانونية لمناطق وبيوت أخرى بالأحياء المختلفة لشرقي القدس مثل رأس خميس وحي العباسية وغيرها؟"

    هل يمكن لك أن تعرفنا بالحالة القانونية ضمن حدود فهمنا؟ مشكورا (:

    ردحذف
  2. اذا كانت المحكمة مسيسة فكيف تطلب من الكنيست الا تكون مسيسة؟!؟


    هل تتوقع ان تغير "اسرائيل" من استراتيجيتها بسبب اعضاء الكنيست؟!؟!؟!؟

    ردحذف