الاثنين، 14 مارس 2011

شبابيات وإسلاميات ( الجزء الأول)


الشباب المسلم, ما بين الفكر المشوه وضيق الأفق
وما بين الفكر الحر والفكر الحركي

أحياناً تمر عليك أحداث ومحادثات يلقي فيها أحدهم كلمة ما أو يعبر فيها عن رأي فكري له, فتشتعل في فكرك خاطرة محددة, تؤرق تفكيرك وتسيطر على أفكارك لبعض الوقت, فيحاول عقلك محاورة هذه الخاطرة وتفكيكها وتبيان رأيك وموقفك الفكري منها.

قبل أيام إلتقيت بأخ لي في الله لمحادثة طويلة في شؤون الدعوة الى الله والعمل الاسلامي في الجامعات, فافترشنا أرض المسجد من بعد صلاة المغرب الى ما بعد صلاة العشاء بساعة, وتناقشنا في حال العمل الطلابي والدعوي, وكان بين الذي تحدثنا فيه, تأطر الطالب الجامعي المسلم في اطار وحركة اسلامية, مقابل بقاءه حراً من دون فكر حركي محدد.

كان أخي هذا من أصحاب الفكرة التي تقول بأنه من الواجب والإلزام على الطالب المسلم الجامعي أن يكون مؤطراً في حركة اسلامية وإطار اسلامي قطري واضح المعالم والفكر, وذالك لكي يتلقى هذا الأخ فكراً اسلامياً شاملاً ومكتملاً في شؤون حياته, السياسية والاجتماعية والاقاصادية وغيرها, فيكون صاحب شخصية مبنية واضحة المعالم, وكان ادعاء أخي أن الحركات الاسلامية في بلادنا تعطي هذا الفكر الاسلامي الشامل لذالك الطالب الجامعي لذا عليه أن يكون مؤطرأ إما بالحركة الاسلامية الشمالية أو الجنوبية.

أيضاً كان أخي من أصحاب الفكرة التي تنتقد حركات طلابية اسلامية غير منتمية لإطار اسلامي قطري وخارجي, فرأى أخي أن حركة طلابية اسلامية مثل حركة الرسالة الطلابية العاملة في القدس, والتي تمثل العمل الاسلامي الوحيد الذي يجمع المسلمين في صفوفه على اختلاف إنتماءاتهم, هي شيء مرفوض وغير مقبول, وذالك لأن هذا الإطار الطلابي –حسب زعمه- ينشئ فكراً مشوهاً لدى الطالب ويتسبب في بلبلته الفكريه وتشتيتها, بعكس أبن الحركة والإطار القطري, الذي ينشأ مع فكر ديني وسياسي واجتماعي واضح المعالم ومرسوم الحدود.

هذه المقولة إستقرت في رحم أفكاري فلازمتني بعض الوقت, فأردت استبيانها بشكل كلمات لأتبين موقفي من هذه المقولة, مع أنه واضح لي أني من أصحاب قناعة عكسية وفكر مخالف هو فكر الرسالة, والذي يتلخص بالفكرة القائلة, أنه بدل أن تلقن الطالب الجامعي وتملأ نفسه وعقله وفكره بالأفكار المبنية والمرسومة على يدي أشخاص أخرين, كوَنوا وبنوا تلك الحركة والأفكار, على الحركة الطلابية أن تبني شخصية الطالب المسلم بأن تعطيه الوسائل والأليات لإتخاذ القرار المناسب, وأن تدخل الطالب في تجارب واقعية وفي مواقف يحتاج فيها للتفكير بنفسه والتمرن على إتخاذ القرارات التي يراها صحيحة ومناسبة في تلك المواقف, لينشأ كصاحب شخصية مسؤولة وقيادية ومستقلة, وذا قدرة على اتخاذ القرارات بنفسه, ليقرر هو لأي فكر يتبع ولأي طريقة ينتمي ليخدم بها مجتمعه ودينه, لهذه الحركة أو لتلك, أو أن يبقى دون الدخول تحت أكناف حركة معينة, وأن يبني لنفسه فكراً حراً بدل الفكر الحركي, وأن يكون ذا أفق واسع مدرك للواقع بدل أفق ضيق تعود التلقين وامتصاص فكر حضره وبناه غيره له.

مقالتي هذه تعتمد على الفكرة بأن كل فكرة سياسية أو حركة حزبية أو حتى إسلامية, هي نتاج فكر شخصي لشخص معين, وهذه الحركة هي نتاج طموح هذا الشخص ومبادرته, هو لوحده أو مع بضع أشخاص إجتمعوا معه على هذه الفكرة.

أيضاً أعتمد في تصوري, أن هذه الشخص هو غير منزه عن الأخطاء وهو لا يختلف عني وعنك, وكما فكر وبادر هو, فلديك أنت ايضاً القدرة على التفكير والاستنتاج والتصور, لتبني لنفسك فكراً وطريقةً, ربما يتماشى مع فكر حركة موجودة وربما يخالفها. ولكن لكي تقوم بهذه الخطوة عليك أن تمر بتجارب فكرية وعملية وأن تكون صاحب مبادرة وطموح, وأن تتأكد أن واقع اليوم هو حلم وطموح لأشخاص كانوا قبلنا, وأن المستقبل القريب والبعيد هو ما نرسمه ونطمح له ونسعى لأجله أنا وأنت .

الاثنين، 6 ديسمبر 2010

حوار ممتع مع مجموعة مبشرين (في 5 دقائق)


تحدث معك أحيانًا بعض المواقف التي لم تكن تتوقعها, فتترك فيك أثراً عميقاً بل وتجعلك تفكر في حياتك وحقيقتها, وتتفاجاً حتى الذهول من إختلاف القناعات والإيمانيات عند الناس.

يوم الخميس الماضي خرجت من مسكن الطلاب في رزنيك في طريقي الى سيارتي الواقفة بجانب مقهى أروما, مستعداً للسفر الى بيتي في الشمال. كنت أضع حقائب وأغراض حين مرت بجانبي إمرأة في الأربعينيات من عمرها تظهر عليها الملامح الكورية, فقد كانت عيناها صغيرتان ضيقتنان وبشرتها تميل للون الأصفر.

كانت تتحرك بنشاط كبير وهي تحمل بيديها مجموعة من الكتيبات, توزعها على المارين على الرصيف, ولم يمنع نشاطها كثرة الأشخاص الذين رفضوا أخذ الكتيبات التي كانت توزعها.

عرضت كتيباً على إبنة عمي التي كانت بعيدة عني بضعة أمتار, فرفضت هذه الأخيرة أخذ الكتيب, كانت في طريقها مبتعدة عني عندما ناديتها بالإنجليزية طالباً منها كتيباً, إلتفتت إلي بإبتسامة ممزوجة بروح المفاجأة, ربما سببها أني كنت أول شخص يطلب منها كتيباً.

أعطتني كتيبين, أحدهما لونه أصفر كتب عليه بالعبرية عنوانه وهو "خيانة", أما الكتيب الثاني فقد كان إنجيلاً, عرفت حينها أنها من مجموعات المبشرين التي تنشط بالقدس, وعندها لاحظت أنه كان بالقرب منها مجموعة أخرى تحمل نفس الكتيبات كانوا معها في مجموعة واحدة.

عادةً أنا لا أدخل نقاشات مع النصارى في معتقداتهم, فقد نشأت في بيئة متسامحة جداً ومفتوحة على النصارى, بل كان أصدقاء لي من النصارى من أعز أصدقائي, حتى بعد إلتزامي وتديني كان مبدأ " كل واحد على دينه الله يعينوا" هو الطاغي على علاقتي مع أصدقائي النصارى, فنادراً ما كنا نخوض في نقاشات دينية منعاً للإحراج والخلافات.

هذه المرة ولسبب أجهله قررت محاولة الخوض في نقاش معها, وحتى أن اللغة الإنجليزية لم تمنعني من محاولة الحديث معها. أعتقد أن التساؤلات التي كانت في رأسي حول هؤلاء المبشرين وأحياناً الإعجاب بنشاطهم وحبهم "لدعوتهم" كانت تفاجئني.

فكثيراً كنت أسأل نفسي كيف لهؤلاء الذين يؤمنون بمعتقدات أعرف أنها خاطئة يعملون بهذا النشاط والرغبة لنشر دينهم ومعتقداتهم, ونحن المسلمون وبالرغم من صدق عقيدتنا وروعة ديننا وكتاب ربنا المعجز, نقصر في دعوتنا ونتخاذل عنها.

سألتها بلغتي الإنجليزية : "إذا أنت مسيحية؟"
فأجابتني بنعم.
فقلت وطبعاً تؤمنين بالمسيح! أجابتني نعم.
أكملت حديثي قائلاً وأنا أيضاً اؤمن بالمسيح مع أني لست مسيحياً!
جاوبتني مسرعةً وكأنها عرفت الى أين أرمي بسؤالي, وكانت ملامحي ولحيتي تدل على أني مسلم, فقالت بإنفعال شديد: "أنتم المسلمون تؤمنون بالمسيح, ولكننا نختلف عنكم, فأنتم تؤمنون أن المسيح إنسان ونبي عادي, أما نحن فنؤمن أنه إبن الله وأنه السبيل الوحيد للخلاص ولدخول الجنة".

كثيراً ما في نقاشاتي مع الأخرين يرتفع صوتي, فقد كنت تلقائياً أتقمص شخصية المحامي التي أعيشها يومياً, ولكني هذه المرة بقيت هادئاً بالرغم من أقوالها, وسألتها:
" هل تعرفين النبي إبراهيم"؟ فأجابتني طبعاً, فقلت لها : "وهل تعرفين أنه سيكون في نار جهنم؟" فأجابت متفاجئة " كلا, إنه نبي وهو حتماً في الجنة". فقلت لها: " حسب أقوالك الطريقة الوحيدة لدخول الجنة هي الإيمان ان المسيح هو إبن الله وأنه السبيل الوحيد للخلاص, وأنا قرأت بعضاً من الإنجيل, والنبي إبراهيم لم يكن مسيحياً ولم يقل أبداً أن المسيح إبن الله ولم يدع أبداً للسير على خطى المسيح ولم يسر هو في طريق المسيح, فكيف له أن يدخل الجنة إذا لم يدعو الى طريق المسيح بل ولم يؤمن ان المسيح ابن الله ولم يذكر هذا أبداً؟ , إذا فأكيد هو بالنار"!

كلماتي كانت مفاجئة لها بعض الشيء, ولم تجد لها جواباً فأخذت تصرخ علي مبتعدة عني, "المسيح هو الطريق الوحيد للخلاص".

أثناء حديثي معها كانت مجموعة المبشرين تنظر الينا, وجاء الي شاب منهم في الثلاثينات من عمره وسلم علي, وقال لي بلهجة إعتذار: لا تنزعج لصراخها عليك فهي "مؤمنة جداً", فأجيته: "على العكس لم يزعجني صراخها".

كان واضحاً على هذا الشاب أنه يسعى الى الدخول معي في نقاش حول النصرانية, فقال لي "فعلاً هنالك إختلاف بيننا وبينكم".

فقلت له:
"هل حقاً أنت تؤمن أن المسيح هو إبن الله وأنه السبيل الوحيد للخلاص؟",
فقال لي طبعاً,
فسألته: "المسيح هو سبيل الخلاص من ماذا"؟
فأجابني "أن أبونا أدم حين كان في الجنة قام بخطيئة عظيمة عندما أكل من التفاحة, ولأننا نحن البشر كنا في ظهره فقد لوثتنا هذه الخطيئة والمسيح هو السبيل الوحيد لتطهيرنا".

أجبته ونبرات الإنزعاج في صوتي: "وكيف تؤمن بشيء كهذا؟ لماذا على كل البشرية أن تتعذب ألاف السنين بسبب خطأ أرتكبه شخص ما, إذا كان أدم عصى الله فهذه مشكلته هي, أنا أؤمن ان كل إنسان يتحمل عاقبة أفعاله, فلو أن أبوك الحقيقي الذي كنت فعلاً بظهره قتل شخصاً ما أو قام بأي عمل خاطئ, هل من العدل محاسبتك أنت ومعاقبتك؟"

نظر الي هذا الشاب محاولاً قول شيء ولكني سارعته بالقول:
" أنا أؤمن أن الحياة مركبة أكثر من أن يكون مركزها تفاحة. وأؤمن أن الله الذي خلق الكون أعظم من أن يعاقب البشرية بسبب تفاحة, وإذا كان الله يريد أن يغفر لنا خطيئة أدم فلماذا يقوم بكل هذه العملية؟ لماذا يخلق لنفسه ولداً بعد ألاف السنين من سيدنا أدم, ومن ثم يقوم بقتله؟ ألا يستطيع الله أن يمحو الخطايا بمجرد الضغط على "دليت"!

أعتقد أن كلماتي هذه كانت كافية على هذا الشاب, فقال لي نحن نتواجد هنا مرتين كل أسبوع وأرجو أن نراك لنتناقش, وطلب مني رقم هاتفي قائلاً أن هنالك أشخاص يستطيعون الإجابة على أسئلتي, إعتذرت على إعطائه رقم هاتفي وقلت له, أنا هنا كل أسبوع وبالمرة القادمة ربما يكون لنا نقاش أطول!

بعد هذا النقاش القصير عدت الى بيتي وأنا أفكر في هؤلاء المبشرين وأنا أحدث نفسي قائلاً:
الحمد لله الذي هدانا للإسلام!

الأربعاء، 24 فبراير 2010

خواطر من أروقة المحاكم الإسرائيلية- مسخرة حتى البكاء........ (حين أثارت دير يايسن جنون القاضية) - في 5 دقائق -


في حياتك المهنية كمحامي تمر عليك أحداث كثيرة ومثيرة تحدث في أروقة المحاكم, فحياتنا المهنية هناك كثيراً ما تكون مليئة بالإثارة والتشويق, وأحياناُ كثيرة تدعو هذه الأحداث للسخرية, وفي واقع مدينة القدس الإحتلالي, وعلى ضوء الحقيقة أن هذه المحاكم ترتدي ثوب القانون لتغطية سوءة الإحتلال وعيوبه, فكثيراً ما تكون هذه الأحداث ولشدة سخريتها مدعاةً للبكاء.

سأحاول سرد بعض الخواطر والأحداث "المثيرة للسخرية" وأحياناً للبكاء والتي صادفتني في أروقة المحاكم, فعل في هذه الخواطر ما يدعونا للتفكير والتدبر في حقيقة ما يدور حولنا وما يحاك لنا.
سيكون أسلوب الخواطر قصصياً مشوقاً, ووعد مني أنك لن تمل من القراءة.

-
حين أثارت دير ياسين جنون القاضية:
كنت أجلس في قاعة المحكمة بتوتر وغضب منتظراً دوري, فقد مضى على جلوسي في القاعة قرابة النصف ساعة ولم يحن موعد محكمتي بعد, فالجلسات في محكمة الشؤون المحلية كالسوق تماماً, عشرات الناس والمحاميين يتم دعوته لنفس الساعة, فتغص القاعة فيهم وكلهم ينتظر دوره بغضب وتبرم.

على يساري جلست أمرأتان يبدو عليهما الكبر في السن, إحداهما بان عليها أن عمرها فوق الثمانين سنة, فتجاعيد وجهها كانت علامة لقسوة السنين ومرارتها. شاب في منتصف الثلاثينات كان يرافقهما, حاول التحدث الى المدعية العامة بموضوع محكمة السيدتين قبل بدايتها, ولكنها نهرته ولم تعره إهتماماً.

كثيراً ما يحدث للعرب في المحكمة أن يتم نهرهم وتهميشهم, إما من المدعي العام ممثل دولة إسرائيل, وإما من قبل القضاة أنفسهم مطبقين قانون دولة إسرائيل, فنظرة التكبر والإحتقار والتقليل من شأن العرب هما أمر واضح في أروقة المحاكم, خاصة إتجاه الناس البسطاء الذين يحضرون للمحكمة من دون محامي.

أحياناً نظرة التكبر ونهج التكبر تكون من نصيب المحاميين وضدهم أيضاً,ً فنحن في عيونهم "مجرد عرب" ودرجةً أقل منهم في نظرهم, وفإن لم تكون كمحامي أفضل منهم وأكثر منهم معرفة وحنكة فإنك لن تكسب إحترامهم والهيبة.

أخيراً جاء دور قضيتي, لم أذكر ما كان موضوعها, ولكني أذكر أني غضبت على القاضية وأني أسمعتها رأيي بالمحاكم الإسرائيلية وأن الموجودين هنا مجرد أحجار شطرنج في اللعبة السياسية, وأننا أحياناً كمحاميين وقضاة نسخر من أنفسنا بمجرد عرض إدعائتنا القانونية في محاكم إحتلال.
لم يرق حديثي للقاضية ولكنها إضطرت في النهاية أن لا تجادلني, فقد حدث بيننا عدة نقاشات كان يعلو فيها صوتي وغضبي وكنت أشعر أن القاضية تحس ببعض الخوف, فقد كان عمرها قد تجاوز السبعين سنة وأنا في جيل أحفادها, وكانت طفرة الشباب كما تبدو تخيفها.

بعد إنهاء قضيتي طلبت القاضية الخروج لإستراحة لبضع دقائق, فقد أنهكها تعب الجلوس لثلاث ساعات متتاليات في قاعة المحكمة.

مع خروج القاضية من القاعة توجه إلي ذالك الشاب برفقة السيدتين, وطلب مني تمثيله في قضيته, فكما يبدو أعجبه أسلوبي وظن في نفسه أني محامي جيد ومتمرس في قضايا البناء بدون ترخيص.
كانت قضيته بسيطة نسبياً, قد قام والده قبل سنوات عديدة ببناء بيت صغير مساحته حوالي 30 متراً وذالك لإسكان خالته البالغة من العمر 83 سنة والتي كانت برفقته في المحكمة, والمشكلة أن القضية كانت ضده هو مع أنه لا يسكن في البيت, وكل ما أراده هو تحويل الملف على إسم خالته ومحو إسمه, لأنه كان قد درس محاماة وأراد بدئ فترة التدرب, والملف على إسمه منع منه بدئ التدرب.

تحدثت الى المدعية العامة وشرحت لها الصورة وأنه لا يوجد لهذا الشاب علاقة مع البيت وهو لا يسكنه, وأنه مقبل على التدرب كمحامي والملف ضده يضره. حاولت المدعية العامة إستغلال الفرصة وإجباري على القبول بصفقة إدعاء مجحفة بحق العائلة, طبعاً رفضت ذالك, وحدث ذالك بعد أن أهنت المدعية وأخبرتها برأيي عنها وعن وقاحتها وأني لا أحتاج لموافقتها وسأقنع المحكمة بصدق قضيتي.
بعد دقائق دخلت القاضية لقاعة المحكمة وكانت قد توقعت أني قد خرجت من المحكمة فقد إنتهت قضيتي, فتفاجأت لرؤيتي واقفاُ أمامها. أخبرتها بأني أمثل هذه العائلة وكل ما أطلبه بهذه المرحلة هو شطب إسم الشاب من لائحة الإتهام وتحويل القضية على إسم المرأة لأنه لا يوجد للشاب علاقة بالقضية, وأن الأدلة في ملف البلدية تؤكد ذالك.

حتى قبل سماع موقف البلدية رفضت القاضية الطلب, وقالت بكل صراحة وعبرت عن رأيها بظاهرة البناء غير المرخص في شرقي القدس قائلة أنه برأيها يجب هدم كل البيوت العربية المبنية بدون ترخيص- وعددها ألاف المنازل- لأن الوضع القائم في شرقي القدس هو فوضى عارمة, والعرب لا يحترمون القانون الحضاري.
كانت كلماتها بمثابة سكين غرست في ظهري, فأنا لا أتحمل هذه المصطلحات وكثيراً لا أسيطر على نفسي حين سماعها. فقلت للقاضية بكل غضب, أنه إذا كان هذا موقف المحكمة, فإدعائي هو أنه المحكمة تقوم بجرائم ضد الإنسانية وضد القانون الدولي, لأن شرقي القدس مدينة محتلة ولا صلاحية لسيادة القاضية بإقرار هدم البيوت. وأن هذه المحكمة تنفذ سياسات الحكومة بإفراغ السكان العرب من القدس الشرقية وطردهم, وأن المحكمة ووجودنا فيها هو مجرد لعبة ومهزلة
.

طبعاً جن جنون القاضية والمدعية العامة وبدأتا بجدالي ونقاشي بموضوع إحترام القانون كمحامي.
من دون سابق إنذار, وقفت السيدة المسنة والدم يثور في عروقها, وتحدثت مباشرة للمحكمة باللغة العربية وبنبرة صوت فيها الكثير من التحدي والعناد وصرخت أخيراً على القاضية ورفعت يديها للسماء تدعو عليها. لم تفهم القاضية أقوال السيدة وطلبت مني أن أترجم لها ما تقوله السيدة.
فعلت ذالك بكل سرور وغضب, فقد كانت أقوال السيدة تعبر عن ما في صدري.
قلت للقاضية أن السيدة تقول لك :
"أنها من قرية دير ياسين وأنها شاهدت بأم عينيها اليهود وهم يذبحون أهلها وأخوتها ويهدمون قريتها, وأن هذه الغرفة التي تأويها هي بيتها الوحيد بعد هدم قريتها, وحتى هذه الغرفة تريدون أنتم اليهود هدمها؟ حسبها الله ونعم الوكيل وربنا ينتقم منك"!

جن جنون القاضية, وتلون وجها بالأحمر والأسود, وقفت عن كرسيها وصرخت :" كيف تجرؤ على ذكر دير ياسين في قاعتي" ؟ كان غضبها شديداً لدرجة أنه بدا عليها أنه سيغمى عليها, أسرعت بالخروج من قاعة المحكمة وهي تصرخ أنها ألغت كل الجلسات وطلبت من الجميع الخروج من القاعة.
خرجنا من القاعة, وبعد دقائق جاءت إحدى المساعدات لتخبرنا أنها تم إلغاء الجلسات, وأنه سيصلنا موعد جديد للمحكمة.

خرجت من قاعة المحكة والرضا والسرور يملؤ صدري. فقد كانت كلمات تلك السيدة التي ترجمتها, تعبر عن مشاعري وأفكاري, فقلت كمترجم ما أعجز عن قوله كمحامي!

يتبع....
- حين أقسمت القاضية أنها لن تدخل القاعة حتى أخرج أنا منها-

الخميس، 18 فبراير 2010

الرسالة وإقرأ, سيناريوهات الفيلم الإسلامي والفصل الثاني.............. مستوحاة من فيلم الأفاتار


بالأمس عدت في الزمن 5 سنين الى الوراء, إستشعرت حياة العزوبية والشباب مرة أخرى, كان شعوري غريباً عندما دعاني أصدقائي لمرافقتهم للسينما لمشاهدة فيلم "الأفاتار", فمنذ مدة طويلة تخليت عن حياة "الشباب العزب" المليئة بالحركة والنشاط, ودخلت في حياة "المتزوجين" الهادئة المليئة بالسكينة, التي كنت دائماً أحلم في عيشها وأسعد بها, فعشقت تلك السكينة والهدوء التي أعيشها مع زوجتي.

بداية رفضت طلب أصدقائي للذهاب معهم, فبدا لي غريباً أن أعود من جديد لقاعة السينما,مع أصدقائي وبدون زوجتي, وأن أسهر حتى ساعة متأخرة من الليل في مشاهدة فيلم سينمائي, ولكن إلحاح أخي وصديقي أمير أقنعني, فقد كانت هذه أحدى الذكريات التي تعيش معك لسنوات طويلة.

الفيلم إسمه "الأفاتار", وتدور أحداثه حول كوكب في الفضاء إسمه "باندورا" تعيش عليه كائنات طيبة مسالمة إسمها "نافي" , تشبه الإنسان ولكنها أكثر طولاً ولونها أزرق, وكانت تعيش بأمان وإستقرار وسعادة, قبل وصول البشر الذين جاؤوا للكوكب للتنقيب وللحصول على معدن ثمين جداً موجود في كوكب باندورا.
"الأفاتار" هي كائن جسده مثل "النافي" ولكنه مركب من تركيبة جينية مشتركة للإنسان وللنافي, ويتم السيطرة عليه ذهنياً من قبل الإنسان صاحب التركيبة الجينية.
أحداث الفيلم الرئيسية تدور حول المعركة التي يشنها البشر على النافي وكوكب باندورا وذالك لطردهم من مكان مسكنهم والذي هو شجرة عملاقة تحتها منجم ضخم للمعدن الثمين. وضمن الأحداث تكون محاولات مسالمة "لإقناع" النافي بترك موطنهم, ولكن مع رفضهم يشن البشر الحرب عليهم.
لن أتحدث عن أحداث الفيلم لكي لا أفسد متعة من يريد مشاهدته, ولكن يكفي القول أن "فكرة الفيلم" هي الأهم لهذه المقالة.

الفيلم يحوي الكثير من الرموز السياسية, لإحتلال شعب لشعب بذرائع مختلفة, فالفيلم يجسد لحد قريب جداً قصة فلسطين واليهود, وقصة العراق وأمريكا, ويجسد لحد قريب قصة الرسالة وإقرأ. ففي كل الحالات كان هنالك شعب أمن يعيش في أمان ورخاء في موطنه, فجاء من يريد "إحتلال" المكان وتغيير الواقع الجميل الرائع, وذالك بذرائع واهية هي في الأساس مصالح وغايات دنيوية.

أحداث الفيلم أثارت في الأفكار والتفكير حول جامعة القدس "والمعركة" على الساحة الطلابية الإسلامية, وما الذي سيحدث هناك. هل سيحدث سلام وإخاء -الشيء الذي فشل فيه البشر مع النافي في فيلم الأفاتار-, أم ستكون هنالك معركة ونزاع وشقاق كيفما حدث في الفيلم, ولكن مع فرق وحيد هو أن في أفلام المسلمين والمعارك بينهم لا يوجد منتصر, بل كل الأطراف خاسرة.

أعاد الأفاتار الى ذاكرتي جلسة كانت لي قبل أسبوعين ونصف مع أخ لي من كتلة إقرأ, فقد طلب الحديث معي لبحث إمكانيات العمل المشترك بين إقرأ والرسالة, فقد كان خلاصة حديثي له, أن الرسالة أبوابها دائماً مفتوحة لكل مسلم وبما في ذالك إقرأ, بل أن كل مسلم غيور سيسعد لو أن العلاقة بين الأجسام الإسلامية تكون علاقة وحدة وتأخي, ولكن كان حديثي له أن الصيغة التي تقترحها إقرأ للرسالة, وهي أن الرسالة هي "تعاون جمعية إقرأ ومؤسسة القلم في بعض النشاطات العامة فتكون تحت إسم الرسالة" هي صيغة مرفوضة كلياً, فهذه الصيغة تلغي فكرة الرسالة بأن الإسلام أوسع من إقرأ والقلم وأن العمل الإسلامي يجب أن يكون مفتوحاً لكل المسلمين وليس فقط لأبناء إقرأ والقلم, خاصة وأن غالبية أعضاء إدارة الرسالة, 12 من 16 لا ينتمون للحركة الإسلامية القطرية وغير مؤطرين فيها, لذالك لا يمكنك أت تفرض عليهم أن يكونوا "القلم" أو أن يعملوا تحت إسمها.

لذالك كان عرضي لأخي وطلبت منه أن يوصله لإدارة أقرأ هو واحد من أربع إحتمالات لا خامس لها:
- إما أن تعود الرسالة كما كانت كل السنين السابقة, عمل طلابي واحد يجمع كل المسلمين دون النظر الى إنتماءاتهم القطرية. ( وهذا ما ترفضه إقرأ)
- أي صيغة عمل مشترك بين إقرأ والقلم توافق عليها جمعية إقرأ ومؤسسة القلم وتكون نافذه في كل الجامعات.
- صيغة عمل تجمع جسمين, هما اقرأ مع "الرسالة" , والرسالة في تعريفها جسم يضم كل المسلمين على إختلافهم وتضم داخلها القلم.
- صيغة عمل تجمع ثلاثة أجسام, إقرأ والقلم والغير مؤطرين ليشكلوا معاً الرسالة.

طبعاً عرضت على أخي أن ينقل هذه الصورة لإدارة أقرأ ولشباب إقرأ في الجامعة, ونحن مستعدين لكل صيغة عمل ومع موافقة إقرأ نبحث التفاصيل, كما طلبت من أخي أن تكون جلسة "أخوة ومحادثة" بين إدارتي الرسالة وإقرأ للحديث وتوضيح الصورة والأراء المسبقة, خاصة وأن معظم الشباب في إقرأ لا يعرفون شيئاً عن الرسالة سوى أفكار مغلوطة وأراء مسبقة, وذالك لتصفية القلوب وزرع المحبة والأخوة.

حتى اليوم لم نستلم أي رد من إقرأ, ولا ندري إذا كانت أي صيغة مقبولة عليها.

في الوقت الحالي ومع بدئ الفصل الدراسي الثاني سيبدأ الفصل الثاني من الفيلم الإسلامي "المعركة الإسلامية", وهو سيكون مختلف عن الفصل الدراسي الأول والفصل الأول من الفيلم. فالأن تقوم إقرأ مثل الرسالة, ببناء خطة عمل ونشاطات للفصل الثاني, وطبعاً ستكون مليئة بالنشاطات والفعاليات والدعاية الإعلامية وذالك للتنافس على الساحة الإسلامية, ولكن هذه المرة بفرق كبير عن الفصل الأول, فقد شهد الفصل الأول مفاجأة كبيرة للرسالة كادت تؤدي لإنهيارها, فإن إنفصال إقرأ وعملها المنفصل المفاجئ وتخليها عن مسؤولياتها التاريخية والإسلامية إتجاه الرسالة, كادت أن تنهي عصر الرسالة وتقضي عليها, ولكن شاء الله أن تكون هذه المحنة لإبتلاء السلمين وتمحيصهم, ولتخرج الرسالة مع نهاية الفصل الأول أقوى أضعافاً عديدة من بداية السنة. خاصة وأن الرسالة عملت كل الفصل الأول من دون إدارة للرسالة ومن دون أجندة واضحة وتخطيط مسبق, ومع ذالك كانت نشاطاتها موازية لنشاطات اقرأ بكل المقاييس.

الفصل الثاني سيشهد زخماً ونقاشاً وحديثاً كثيرأً, وربما ستكون إنتخابات للجنة الطلاب العرب, وستكون فيه زيارات مكثفة لغرف الطلاب- الشيء الذي لم يكن في الفصل الأول- وسيسأل الطلاب عن الرسالة وإقرأ وعن أسباب الإنشقاق, وهنا ستكون المعركة التي يخسر فيها الجميع, ولكن التاريخ سيحدد الخاسر الأكبر فيها.
وهنا سيعود السؤال من جديد, هل سيصطلح النافي مع البشر, أم أن الحال سيكون كما الحال في الأفاتار؟

الأربعاء، 10 فبراير 2010

الطريق الأنسب لإحياء لجنة الطلاب العرب


الجامعة, هي ذالك الحلم الوردي الذي يعيشه معظم شبابنا ويمتد غالباً على مدار أربع سنوات, تكون هي من أحلى سنوات العمر وأكثرها تأثيراً وتحديداً لمصير كل منا.

قيل الكثير والكثير عن الشباب وعن أهمية المثقفين والأكاديميين في إحياء الأمم والشعوب, ففي كل شعوب الأرض كان لطلاب الجامعات الدور القيادي في تحديد مصير الأمة وقيادة الثورات, فكان لشباب الجامعات دور الريادة في ذالك, وإسألوا فرنسا عن مظاهرات الطلاب, وإسألوا الثورة الإيرانية عن دور طلاب الجامعات فيها.

لا تحتاج لأن تكون عبقرياً لتستنتج أن نهضة أمتنا وشعبنا العربي الفلسطيني في البلاد وإن كانت, ستكون على إيدي جامعيين أكادميين مثقفين, يغارون على حال مجتمعهم ومستقبله, حتى ليضحوا بأغلى أوقاتهم لقيادة المجتمع وتغيير حاله للأفضل.

الجامعات ولا شك هي مصانع القادة, والحركات الطلابية في الجامعات هي ذالك المحرك وحقل التدريب الذي يتدرب فيه الطالب الجامعي على خدمة مجتمعه وطلاب الجامعة, لتكون هذه مقدمة للخروج للمجتمع وتغيير حاله, بعد أن تبلورت شخصية الطالب الجامعي وبنى لنفسه هوية ثقافية وسياسية واضحة المعالم, وبعد أن إكتسب الأدوات اللازمة لهذه المهمة.

دور أخر لا يقل أهمية للحركات الطلابية, وهو خدمة الطلاب العرب ومساعدتهم في عبور حياة الجامعة ومطباتها بأمان, وذالك عن طريق نشاطات توعوية ومحاضرات تثقيفية في شؤون الحياة المختلفة. وأهمية هذه الدور تزداد على ضوء واقعنا الإجتماعي وحالنا السياسي كمجتمع "محتل" ويعاني من تمييز مؤسسات الدولة ضده.

من أجل هذه المهات العظيمة نشأت الحركات الطلابية, وقد تعددت الحركات الطلابية وإختلفت توجهاتها بإختلاف الإنتماءات الحركية والحزبية والفكرية لأبناء المجتمع, فكان أصحاب الفكر القومي, وأصحاب الفكر الإسلامي وأصحاب الفكر العلماني وغيرهم.

للأسف, وبالرغم من أن حال مجتمعنا يوجب ويحتم على الحركات الطلابية في الجامعات التعاون والتشارك والإتحاد حول المصالح والمبادئ المشتركة, كانت ساحات الجامعة ساحات أخرى للمعارك والتناطح والإختلافات, التي زادت مجتمعنا تشرذماً وتفرقة, وكأنه لا يكفي لنا الإختلاف حول إنتخابات المجالس المحلية, والنقابات العمالية وإنتخابات الكنيست, فأبت نفوسنا الى التناحر والتقاتل والإختلاف في إنتخابات أخرى هي للجنة الطلاب العرب.

لا يخفى على كل متابع أن الجسم المدعو "لجنة الطلاب العرب" والذي من المفروض أن يكون المجلس الأعلى والجامع للطلاب العرب والغيور على مصالحهم, كان وللأسف جسم مبهم ومعطل, وفعلياً لا وجود له على أرض الواقع.

الحال الموجودة في معظم الجامعات, أنه وكل بضع سنوات, تقوم الكتل الطلابية بإجراء إنتخابات للجنة الطلاب العرب, ولكن تنتهي الإنتخابات بدون نتيجة, وبسبب الخلافات السياسية وقلة الوعي الفكري والسياسي, تمتنع الكتل الطلابية بذرائع عديدة عن الإئتلاف فيما بينها, محاولة كل كتلة تعطيل الكتل الأخرى.

هذه هو الحال في جامعة حيفا, جامعة تل أبيب والجامعة العبرية في القدس والتي درست فيها, فقد كنت مشاركاً قبل سنتين في إنتخابات لجنة الطلاب العرب والتي إنتهت بفوز حركة الرسالة الطلابية بمعظم الأصوات وحازت على 7 مقاعد, والجبهة والتجمع حاز كل منهم على 5 مقاعد.

للأسف إنتهت الإنتخابات مثلما إنتهت في باقي الجامعات. فقد أعلنت الجبهة أنها لن تأتلف مع حركة إسلامية, والإئتلاف بين الجبهة والتجمع كان مرفوضاً على الطرفين, ولم يتكون إئتلاف بين الحركة الإسلامية والتجمع بسبب إعتبارات حزبية قطرية مختلفة. وهذا هو الحال في جامعتي حيفا وتل أبيب.
لا تهدف هذه المقالة لإلقاء اللوم على أحد, ولكن النتيجة التي كانت هي أنه لم تتكون لجنة طلاب عرب, وهذه هي نفس الحال منذ سنوات عديدة, وفي القدس هذه هي السنة الخامسة على التوالي التي لا يوجد فيها لجنة طلاب عرب فاعلة.

للأسف هذه الحالة تعود على نفسها كل بضع سنوات, فبعد إجراء إنتخابات لا تتكون إئتلافات ولا تتشكل لجنة طلاب عرب, وهذه الحال كما يبدو ستعود هذه السنة أو السنة القادمة في القدس, فإن إجتماعات الكتل الطلابية تسير نحو إتخاذ قرار بإجراء إنتخابات للجنة الطلاب العرب, وواضح لنا منذ اليوم, أن نتيجة الإنتخابات التي ستكون هي نفس حال اليوم, وأنه لن تتشكل لجنة للطلاب العرب بسبب نفس العقليات والخلافات, ويبقى الحال هو نفس الحال, ويعود السؤال بعد السؤال, ما الحل وما علينا أن نفعل.

برأينا الحل الوحيد للخروج من المأزق الذي دخلت إليه لجنة الطلاب العرب, والذي بسببه لا تتكون لجنة لخدمة الطلاب العرب منذ سنوات, هو تكوين لجنة للطلاب العرب على غرار وبالطريقة التي تتكون فيها لجنة المتابعة القطرية, ألا وهي أن تكون لجنة تضم في داخلها كل الأجسام العربية الفاعلة في الساحة الطلابية وذالك دون إجراء إنتخابات مباشرة.

بمعنى, تكوين لجنة تضم ممثل عن كل خلية طلابية عربية فاعلة في الجامعة, بحيث تبني هذه اللجنة برنامج عمل يضع نصب عينيه القواسم المشتركة والأهداف المشتركة لكل الكتل وخدمة الطالب العربي, ويتم إتخاذ قرارات لجنة الطلاب العرب بإجماع الأجسام المشاركة.

هذه الصيغة من شأنها تربية الكتل الطلابية والأحزاب السياسية على ترك الأنانية الشخصية وتفضيل مصلحة جميع الطلاب العرب على المصلحة الشخصية لكل حزب, ومن شأن هذه الصيغة إزالة الحواجز والأراء المسبقة لدى كل حزب عن الأخر, بحيث تعمل كل الأحزاب من خلال هذه الصيغة, لتمرير برنامج عمل جامع وممثل لكل الطلاب العرب, وكل خلية طلابة تواصل عملها الخاص وبرنامج عملها الخاص دون التأثير على عمل لجنة الطلاب العرب
.


هذه الصيغة تبقى مجرد إجتهاد شخصي, وبرأيي سترفضها معظم الأحزاب السياسية, لأن التجربة أثبتت أن هدف الأحزاب السياسية هو إجراء الإنتخابات بهدف إجراء الإنتخابات فقط, فهذه هي الألية لتفعيل الكوادر, لزرع مبادئ الحزب في نفوس الطلاب, ولضم منتسبين جدد ومنتمين لهذا الحزب السياسي أو ذاك.

لقد طرحت هذه الصيغة في برنامج فنجان قهوة مع الإعلامية إيمان القاسم, بل دعوت لجنة المتابعة لتبني هذه الصيغة بهدف إحياء لجنة الطلاب العرب من جديد, ففي هذه المرحلة لا نرى من مخرج لمأزق لجنة الطلاب العرب, إلا هذه الصيغة والتي يمكن تسميتها "إئتلاف شامل لكل الكتل الطلابية العربية". وننتظر لنرى موقف بقية الأحزاب من هذه الصيغة.

الثلاثاء، 2 فبراير 2010

الحركة الطلابية في برنامج فنجان قهوة. ( إنتظروا التدوينة)


يوم الجمعة القريب بين الساعة 9:30 - 11:30 صباحاً برنامج "فنجان قهوة" مع إيمان القاسم بصوت إسرائيل باللغة العربية. موضوع الحلقة هو طلاب الجامعات والحركة الطلابية هناك, وكيفية إعادة تفعيلها. البرنامج مفتوح للمشاركات والإتصالات الهاتفية. سيكون في الأستوديو ممثلين عن معظم الحركات الطلابية وأنا أيضاً ضيف في البرناج, نرجو متابعتكم ومشاركتكم للبرنامج.

السبت، 30 يناير 2010

إنشقاقات الجماعات والحركات الإسلامية. فتح إسلامي؟ نفوس مريضة؟ أم جهل مدقع؟


"مع النشاط الهائل الذي يسود جبهة الأعداء فقد رأيت بني قومي لا يزالون يمضغون خلافات جوفاء, وتسيطر عليهم أفكار ضحلة, وتسيرهم أهواء قاتلة وشهوات غبية, ومن حقي وأنا أحد المشتغلين بالدعوة الاسلامية أن أصرح بأشجاني وأن أبث همومي". محمد الغزالي كتاب هموم داعية.

هذه المقالة هي محاولة للتنفيس عن ما يملأ النفس من ضيق وكدر, ويملأ الفكر بالقلق والتفكير, وهي هموم أحاول بثها للجميع, علَ بعض العقول الراقدة في سبات عميق كأنها الدبب القطبية تستفيق من سباتها, وعلَ بعض النفوس المريضة تصح من مرضها, وعلَ بعض الجاهلين يخرجون من دوامة جهلهم.

محاولتي هذه هي لبث الهموم وللأحزان, هي محاولة للتفكير والتمحيص بعد النظر الى أولائك الذين تسكرهم نشوة الغرور والحماقة, أولئك الذين تمتلئ عقولهم ونفوسهم بنشوة الكبر حتى تسول لهم نفوسهم هدم وتشقيق كل صرح دعوي وإسلامي يوحد المسلمين تحت أكنافه, اولئك الذين يزرعون بذور الفتنة والتفرقة والتشرذم.

برأيي وراء معظم حالات الإنشقاق في الجماعات والحركات الإسلامية بعض من التجار والسياسيين, الذين يستغلون التفرقة لحوائج دنيوية وغايات سياسية, هي في الأغلب الحفاظ على الكراسي والمناصب والوظائف والتجارة. للأسف هذه التجارة هي التجارة بالدين.

موضوع حال المسلمين وحال تلك الحركات "الإسلامية" التي إحتكرت الإسلام والعمل الإسلامي والتي نصبت نفسها وصيةً على هذا الدين نال من تفكيري وحديثي مع نفسي أكثر مما ناله هم أخر من هموم دنياي, فقد بت أرى مصيبة المسلمين وسبب رئيسي لفسادهم وضياعهم والحال التي وصلوا إليها, هي إنشغال الدعاة والحركات الإسلامية بترهات وسخافات ورسم بطولات دونكشوتية لأعمالهم الدعوية ونشاطاتهم الحركية, وكيف أن تلك الحركات أصبحت "منظمات مغلقة" لا تخاطب إلا أتباعها, ولا تخدم إلا مصالحها من أجل إبقاء نفسها على قيد الحياة, جاعلة بينها وبين هموم المسلمين ومشاعرهم مئات السنين الضوئية.

فكرت كثيراً وسألت نفسي لماذا؟ لماذا هذه الفرقة والتشرذم والتشقق والإنقسامات؟ فما وجدت أمامي إلا الجواب الذي أجاد الشيخ الغزالي صياغته حين قال:
"وعلى أهل المسؤولية الاسراع في جمع القوى, وسد الثغرات وحشد كل شيء لاستنقاذ وجودنا المهدد. ان أي امرئ يشغل المسلمين بغير ذالك اما منافق يمالىء العدو ويعينه على عزيمتنا, واما أحمق بمثل دور الصديق الجاهل, ويخذل أمته من حيث لا يدري. وكلا الشخصين ينبغي الحذر منه وتنبيه الأمة الى شره."

لا أريد الظن بأناس ينادون بإسم الإسلام أنهم منافقون يعملون في غير مصلحة الإسلام عن قصد, ولكني أظن معظمهم حمقى في تفكيرهم, مرضى بمرض الغرور والكبر في نفوسهم.

الأمثلة على حالات الإنشقاق في الحركات والجماعات الإسلامية محلياً, قطرياً ودولياً هي كثيرة, فبت لا ترى قرية ولا بلداً إلا وقوى المسلمين مشتتة وأن الجماعات الإسلامية هناك متفرقة وبعدها إنفصل عن بعض.


وفي بلادنا أنظر الى كل قرية مهما صغرت ترى أبناءها منشقين منفصلين.

وأنظر الى الجامعات ترى أبناء الدعوة الى الإسلام متناحرين منشقين منفصلين, ومن هذه الجامعات جامعة قضيت بين أروقتها ثلث عمري هي الجامعة العبرية في القدس.
فها قد مر فصل دراسي على شق العمل الإسلامي في القدس على يدي جمعية أقرأ , والتي كان أبناؤها في ما مضى جنواداً وفاعلين تحت لواء التوحيد والوحدة والعمل الإسلامي الواحد هو حركة الرسالة الطلابية, وقد إختاروا في إقرأ لأنفسهم قرار العمل المنفصل حسب تصوراتهم "وإعتباراتهم الشرعية" تحت مسمى "كتلة إقرأ", والسؤال الذي لا بد يطرح نفسه, ماذا أضاف إنشقاق إقرأ للإسلام والدعوة؟

مثال إقرأ هو مثال مصغر للصورة الكبرى والمرض الأكبر الذي يصيب الحركات الإسلامية محلياً قطريا وفي ربوع العالم الإسلامي, وفهم وتحليل الصورة المصغرة يساعد جميعنا في فهم الصورة الكبرى وربما تغييرها!

سيخبرني البعض لماذا تتحدث عن إقرأ بالذات وهي ربما الحركة الأنشط طلابياً منذ بداية الفصل الدراسي في الجامعة العبرية؟ وهي برأيي حقيقة. كانت كتلة إقرأ هي الخلية "الأنشط" طلابياً في ساحة الجامعة العبرية.
هي أول الخلايا إستقبالاً للطلاب. هي الخلية التي وزعت أجمل الهدايا وأكثرها قيمة وجودة. هي أكثر الخلايا إنفاقاً للاموال على الطلاب. وربما هي أكثر الخلايا الطلابية التي قامت بنشاطات طلابية وتواصلت مع الطلاب في غرفهم السكنية. وهي الخلية الإسلامية الوحيدة التي قامت بأسبوع دعوي! هذه كلها حقيقة ولكن ليس هذا السؤال الذي يجب أن يطرحه كل منا.

فقد كان قبل إقرأ كل النشاطات التي ذكرت, وقد أمتازت حركة الرسالة في كل السنين السابقة في هذه النشاطات وأبدعت بها, ولكن يبقى السؤال ماذا أضافت إقرأ على العمل الدعوي والإسلامي؟ وما الجديد التي أتت به للدعوة والإسلام حتى تبرر أنشقاقها وإنفصالها؟ ولماذا إنشقت اقرأ؟

برأيي الشخصي وكشخص مسلم يغار على دينه ويظن في نفسه الغيرة على دين الله. لا شيئ إضافي! لم تضف أقرأ شيئاً يعم بالفائدة والخير على العمل الدعوي, ولم يكن إنشقاقها الا مضرة للعمل الدعوي!

المصيبة الأكبر التي حلت بالعمل الإسلامي كما أراها من موقعي, أن معظم "المسلمين العاديين", باتوا يهربون من الإنضمام للعمل الإسلامي وذالك بسبب التفرق والتشرذم, وبعد أن كانت الدروس الدعوية الأسبوعية تجمع عشرات الأخوة أسبوعياً, بت ترى العدد ينخفض الى النصف.

وبعد أن كانت قاعات علوم الطبيعة تمتلئ بجموع الطلاب في الفعاليات العامة حتى كنا نجلس على الدرجات, بت ترى القاعات نصف فارغة.
حتى إقرأ بكل خيلها وخيلائها, لم تستطع جمع أكثر من 70 طالب في أضخم فعالية لها, وهو عدد كنا نراه قليلاً جداً حتى في الدروس العامة, فكم بالحري في فعالية عامة وفي جبل المشارف.
فلو جلس الفاعلون في إقرأ جلسة صدق مع أنفسم سيسألون أنفسهم هذا السؤال, وبرأيي سيمتنعون عن أن يروا أمام أعينهم الحقيقة الواضحة للجميع, ألا وهي الفطرة! فطرة المسلم تقربه مما هو في أصل الإسلام وهو الوحدة والتوحيد, وتبعده عن ما هو نقيض فطرته ودينه, ألا وهو الفرقة والتشرذم وهوى النفس.

السؤال يعود ويفرض نفسه, لماذا؟ فكر معي أخي الحبيب, وإسأل نفسك بكل صدق لماذا؟ لماذا تتشقق الحركات الإسلامية؟ هل حقاً لمصلحة الدين من باب " وفي ذالك فليتنافس المتنافسون"؟ أم هي باب من أبواب أمراض النفوس وحب الدنيا والغرور والكبر؟ والتي تدخل تحت تحذير الأية :
وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم ?

قبل الجواب على ذالك, تأتي نظرة على مصيبة المسلمين الأولى بنظري, ألا وهي الخنوع والخضوع للواقع واللا مبالاة بالتغيير.
فترى جموع المسلمين ترضى بحال التفرقة وتقول لك وماذا تريد مني أن أفعل, وتجلس في بيوتها, تاركة الدين والدعوة لأولئك الذين عينوا أنفسهم أوصياء على الدين, أولئك الذين أصبحت الحركة والدعوة الإسلامية هي تجارتهم.
لذالك فأنا لا ألوم التجار فقط, بل ألومك أنت أخي أيضاً وألوم كل المسلمين الذين حتى لا يكلفون أنفسهم قول كلمة حق في وجوه أولئك الذين شتتوا قوى المسلمين وأضاعوا جموعنا بحماقاتهم وغرورهم.


يعود السؤال وعليه سنحاول الإجابة في المقالات القادمة: لماذا الإنشقاق؟ ما العمل للتغيير؟ وما دوري أنا وأنت كمسلمين "عاديين"؟

ربما يكون الجواب بأن نتعلم من الذين نسميهم "الكفار", من الشعب ألألماني, ونتعلم منهم تحطيم الجدران التي بناها الغرباء لنا, كما حطموا هم جدار برلين!


يتبع إن شاء الله وقدَر...