الاثنين، 9 نوفمبر 2009

الحركات الاسلامية: بين نار التفرقة والتعصب, وخطر الفكر الضيق والأفق المحدود:

حين أحاول ترتيب رؤيتي ونظرتي للحركات الاسلامية في بلادنا, لا أجد غير القناعة أن تفرق الحركات الاسلامية اليوم والتشقق الموجود والحساسيات بين الحركتين, هي مصيبة المسلمين الأولى وسبب ركود الدعوة وجمودها اليوم.
ربما في الماضي البعيد أو القريب كان في إنفصال الحركتين الاسلاميتين وتحولهما من حركة واحدة الى حركتين متنافستين خير كثير للأمة وللدين, فقد أدى الأمر الى خلق تنافس بين الحركتين على الدعوة وخدمة الدين, فكانت نماذج دعوية طيبة أدت الى ولادة الدعوة الاسلامية ونهوضها في كل البلاد العربية, وكانت هنالك صحوة اسلامية كبيرة لدى مجتمعنا العربي تمثلت في كثير من البلدان على شكل نجاح الحركات الاسلامية في الانتخابات البلدية وقيادة النشاطات النهضوية, وتبوأ الاسلاميون مناصب قيادية في مجتمعنا العربي, لتساهم هذه المناصب بتسريع مشروع النهضة الاسلامية.

للأسف هذه الصحوة الدينية والنشاط الدعوي الذي تميزت فيه الحركات الاسلامية ما لبثت الا ودخلت في جمود عميق وركود ما بعده ركود, وليس مكان هذه المقالة بحث أسباب الجمود الحركي, ولكن يكفي الى أن نشير أن أسباب الجمود الرئيسة بنظري هي "سرية الحركات الاسلامية" "واخفاء نظمها الداخلية وإغلاقها, وأيضاً جمود قيادتها وتنصيب أنفسهم على كراسي الحكم كأنهم خلفاء للمسلمين.

في طريقة العمل السرية هذه تتولد لدى الحركات الاسلامية مخاوف وجبن من مصارحة المجتمع وفتح الأبواب للنقد والانتقاد في حالات الفشل أو التقصير, فتنعدم ألية تمحيص الكفاءات وإظهار الخلل وجوانب القصور, وتحرم الحركة نفسها من أمكانية التعلم من التجارب السابقة لتطوير الذات وأليات العمل.
أضف الى ذالك, أنه في أجواء العمل السري الموجودة يسهل على من لا كفاءة لهم أن يتشبثوا بالقيادة، ويسدوا منافذها أمام غيرهم، كما وأن عدم وضوح أليات الحركة تعين عديمي الكفاءة على بقائهم في منصبهم القيادي, ناهيك عن الاشكالية أن جمود القيادات وذووي المناصب في مناصبهم وعلى كراسيهم, يؤدي بطبيعة الحال للكساد والركود, وحتى خلايا الجسم ودماؤه دائمة التجدد.
إضافة لمشكلة الجمود في العمل, تواجه العمل الاسلامي مشكلة أكبر وأعمق, تجبر ذوي الكفاءات والقدرات العالية في كثير من الأحيان على ترك العمل الاسلامي والانطواء في بيوتهم, وتظطرهم الى الاعتزال والابتعاد عن نار الفتنة, وهذه المشكلة هي نار الفرقة والتعصب والبغضاء الموجودة بين الحركتين. فقد أصبح الحال أن هذه الحركة أو تلك توجد لنفسها أسباباً ومبررات لعدم توحد قوى المسلمين, وتخلق لنفسها ميزات وعلامات خاصة, ناهيك عن مهاجمة إخوانهم المسلمين من الحركة الأخرى وقذفهم بشتى التهم, مما يؤدي بالنفوس الصافية الى إعتزال هذه الأجواء المحزنة.
نقطة ثانية هي, أن هذه الحركات باتت تصور نفسها كأنها حركات فكرية وذات أجندات خاصة وميزات خاصة, وكأن فكرها هو رسالة سماوية جديدة لم يعلمها تاريخ البشر, فتبدأ توهم أتباعها وتقنعهم بخصوصياتها وأفكارها الخاصة وتصوراتها الشمولية في علم الاجتماع والاقتصاد والسياسية, فتبني هذه الحركة تصورات في كل هذه المجالات محاولة منها ايهام البسطاء من أتباعها ان لهذه الحركة ميزة خاصة.

الطامة الكبرى أن هذه التصورات والاجتهادات الفردية ووجهات النظر لقيادة الحركة, باتت تمرر للأفراد عن طريق علماء الدين وبأليات الفتاوى والارشادات الدينية, فتصبح تصورات الحركة وإجتهاداتها الدنيوية والفكرية أمور مقدسة لا يسمح للأفراد تجاوزها أو حتى محاولة زعزتها أو الاستفسار عنها وعن صحتها.
أضف الى ذالك فان هذه الحركات صورت نفسها وتحولت إلى "طوائف دينية" لها هويتها الخاصة, وجعلت لأنفسها أسوار عالية بنتها بينها وبين الناس بناءاً على هواجس الخصوصية التي تحمي بها نفسها.

يتبع ان شاء الله ....

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أخي وسام مبارك لك المدونة

    أسأل الله لك التوفيق في التدوين.. تدوين أفكارك حتى تستفيد أنت أولاً ثم من يتتبع شؤون المسلمين في الجامعة وخارجها

    وهذه خطوة تساعد على تراكم الخبرات وأرشفة تاريخ الدعوة في الجامعة العبرية وتكريس تجربة حركة الرسالة وتطويرها إلى الأمام

    أسامة عباس

    ردحذف