السبت، 30 يناير 2010

إنشقاقات الجماعات والحركات الإسلامية. فتح إسلامي؟ نفوس مريضة؟ أم جهل مدقع؟


"مع النشاط الهائل الذي يسود جبهة الأعداء فقد رأيت بني قومي لا يزالون يمضغون خلافات جوفاء, وتسيطر عليهم أفكار ضحلة, وتسيرهم أهواء قاتلة وشهوات غبية, ومن حقي وأنا أحد المشتغلين بالدعوة الاسلامية أن أصرح بأشجاني وأن أبث همومي". محمد الغزالي كتاب هموم داعية.

هذه المقالة هي محاولة للتنفيس عن ما يملأ النفس من ضيق وكدر, ويملأ الفكر بالقلق والتفكير, وهي هموم أحاول بثها للجميع, علَ بعض العقول الراقدة في سبات عميق كأنها الدبب القطبية تستفيق من سباتها, وعلَ بعض النفوس المريضة تصح من مرضها, وعلَ بعض الجاهلين يخرجون من دوامة جهلهم.

محاولتي هذه هي لبث الهموم وللأحزان, هي محاولة للتفكير والتمحيص بعد النظر الى أولائك الذين تسكرهم نشوة الغرور والحماقة, أولئك الذين تمتلئ عقولهم ونفوسهم بنشوة الكبر حتى تسول لهم نفوسهم هدم وتشقيق كل صرح دعوي وإسلامي يوحد المسلمين تحت أكنافه, اولئك الذين يزرعون بذور الفتنة والتفرقة والتشرذم.

برأيي وراء معظم حالات الإنشقاق في الجماعات والحركات الإسلامية بعض من التجار والسياسيين, الذين يستغلون التفرقة لحوائج دنيوية وغايات سياسية, هي في الأغلب الحفاظ على الكراسي والمناصب والوظائف والتجارة. للأسف هذه التجارة هي التجارة بالدين.

موضوع حال المسلمين وحال تلك الحركات "الإسلامية" التي إحتكرت الإسلام والعمل الإسلامي والتي نصبت نفسها وصيةً على هذا الدين نال من تفكيري وحديثي مع نفسي أكثر مما ناله هم أخر من هموم دنياي, فقد بت أرى مصيبة المسلمين وسبب رئيسي لفسادهم وضياعهم والحال التي وصلوا إليها, هي إنشغال الدعاة والحركات الإسلامية بترهات وسخافات ورسم بطولات دونكشوتية لأعمالهم الدعوية ونشاطاتهم الحركية, وكيف أن تلك الحركات أصبحت "منظمات مغلقة" لا تخاطب إلا أتباعها, ولا تخدم إلا مصالحها من أجل إبقاء نفسها على قيد الحياة, جاعلة بينها وبين هموم المسلمين ومشاعرهم مئات السنين الضوئية.

فكرت كثيراً وسألت نفسي لماذا؟ لماذا هذه الفرقة والتشرذم والتشقق والإنقسامات؟ فما وجدت أمامي إلا الجواب الذي أجاد الشيخ الغزالي صياغته حين قال:
"وعلى أهل المسؤولية الاسراع في جمع القوى, وسد الثغرات وحشد كل شيء لاستنقاذ وجودنا المهدد. ان أي امرئ يشغل المسلمين بغير ذالك اما منافق يمالىء العدو ويعينه على عزيمتنا, واما أحمق بمثل دور الصديق الجاهل, ويخذل أمته من حيث لا يدري. وكلا الشخصين ينبغي الحذر منه وتنبيه الأمة الى شره."

لا أريد الظن بأناس ينادون بإسم الإسلام أنهم منافقون يعملون في غير مصلحة الإسلام عن قصد, ولكني أظن معظمهم حمقى في تفكيرهم, مرضى بمرض الغرور والكبر في نفوسهم.

الأمثلة على حالات الإنشقاق في الحركات والجماعات الإسلامية محلياً, قطرياً ودولياً هي كثيرة, فبت لا ترى قرية ولا بلداً إلا وقوى المسلمين مشتتة وأن الجماعات الإسلامية هناك متفرقة وبعدها إنفصل عن بعض.


وفي بلادنا أنظر الى كل قرية مهما صغرت ترى أبناءها منشقين منفصلين.

وأنظر الى الجامعات ترى أبناء الدعوة الى الإسلام متناحرين منشقين منفصلين, ومن هذه الجامعات جامعة قضيت بين أروقتها ثلث عمري هي الجامعة العبرية في القدس.
فها قد مر فصل دراسي على شق العمل الإسلامي في القدس على يدي جمعية أقرأ , والتي كان أبناؤها في ما مضى جنواداً وفاعلين تحت لواء التوحيد والوحدة والعمل الإسلامي الواحد هو حركة الرسالة الطلابية, وقد إختاروا في إقرأ لأنفسهم قرار العمل المنفصل حسب تصوراتهم "وإعتباراتهم الشرعية" تحت مسمى "كتلة إقرأ", والسؤال الذي لا بد يطرح نفسه, ماذا أضاف إنشقاق إقرأ للإسلام والدعوة؟

مثال إقرأ هو مثال مصغر للصورة الكبرى والمرض الأكبر الذي يصيب الحركات الإسلامية محلياً قطريا وفي ربوع العالم الإسلامي, وفهم وتحليل الصورة المصغرة يساعد جميعنا في فهم الصورة الكبرى وربما تغييرها!

سيخبرني البعض لماذا تتحدث عن إقرأ بالذات وهي ربما الحركة الأنشط طلابياً منذ بداية الفصل الدراسي في الجامعة العبرية؟ وهي برأيي حقيقة. كانت كتلة إقرأ هي الخلية "الأنشط" طلابياً في ساحة الجامعة العبرية.
هي أول الخلايا إستقبالاً للطلاب. هي الخلية التي وزعت أجمل الهدايا وأكثرها قيمة وجودة. هي أكثر الخلايا إنفاقاً للاموال على الطلاب. وربما هي أكثر الخلايا الطلابية التي قامت بنشاطات طلابية وتواصلت مع الطلاب في غرفهم السكنية. وهي الخلية الإسلامية الوحيدة التي قامت بأسبوع دعوي! هذه كلها حقيقة ولكن ليس هذا السؤال الذي يجب أن يطرحه كل منا.

فقد كان قبل إقرأ كل النشاطات التي ذكرت, وقد أمتازت حركة الرسالة في كل السنين السابقة في هذه النشاطات وأبدعت بها, ولكن يبقى السؤال ماذا أضافت إقرأ على العمل الدعوي والإسلامي؟ وما الجديد التي أتت به للدعوة والإسلام حتى تبرر أنشقاقها وإنفصالها؟ ولماذا إنشقت اقرأ؟

برأيي الشخصي وكشخص مسلم يغار على دينه ويظن في نفسه الغيرة على دين الله. لا شيئ إضافي! لم تضف أقرأ شيئاً يعم بالفائدة والخير على العمل الدعوي, ولم يكن إنشقاقها الا مضرة للعمل الدعوي!

المصيبة الأكبر التي حلت بالعمل الإسلامي كما أراها من موقعي, أن معظم "المسلمين العاديين", باتوا يهربون من الإنضمام للعمل الإسلامي وذالك بسبب التفرق والتشرذم, وبعد أن كانت الدروس الدعوية الأسبوعية تجمع عشرات الأخوة أسبوعياً, بت ترى العدد ينخفض الى النصف.

وبعد أن كانت قاعات علوم الطبيعة تمتلئ بجموع الطلاب في الفعاليات العامة حتى كنا نجلس على الدرجات, بت ترى القاعات نصف فارغة.
حتى إقرأ بكل خيلها وخيلائها, لم تستطع جمع أكثر من 70 طالب في أضخم فعالية لها, وهو عدد كنا نراه قليلاً جداً حتى في الدروس العامة, فكم بالحري في فعالية عامة وفي جبل المشارف.
فلو جلس الفاعلون في إقرأ جلسة صدق مع أنفسم سيسألون أنفسهم هذا السؤال, وبرأيي سيمتنعون عن أن يروا أمام أعينهم الحقيقة الواضحة للجميع, ألا وهي الفطرة! فطرة المسلم تقربه مما هو في أصل الإسلام وهو الوحدة والتوحيد, وتبعده عن ما هو نقيض فطرته ودينه, ألا وهو الفرقة والتشرذم وهوى النفس.

السؤال يعود ويفرض نفسه, لماذا؟ فكر معي أخي الحبيب, وإسأل نفسك بكل صدق لماذا؟ لماذا تتشقق الحركات الإسلامية؟ هل حقاً لمصلحة الدين من باب " وفي ذالك فليتنافس المتنافسون"؟ أم هي باب من أبواب أمراض النفوس وحب الدنيا والغرور والكبر؟ والتي تدخل تحت تحذير الأية :
وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم ?

قبل الجواب على ذالك, تأتي نظرة على مصيبة المسلمين الأولى بنظري, ألا وهي الخنوع والخضوع للواقع واللا مبالاة بالتغيير.
فترى جموع المسلمين ترضى بحال التفرقة وتقول لك وماذا تريد مني أن أفعل, وتجلس في بيوتها, تاركة الدين والدعوة لأولئك الذين عينوا أنفسهم أوصياء على الدين, أولئك الذين أصبحت الحركة والدعوة الإسلامية هي تجارتهم.
لذالك فأنا لا ألوم التجار فقط, بل ألومك أنت أخي أيضاً وألوم كل المسلمين الذين حتى لا يكلفون أنفسهم قول كلمة حق في وجوه أولئك الذين شتتوا قوى المسلمين وأضاعوا جموعنا بحماقاتهم وغرورهم.


يعود السؤال وعليه سنحاول الإجابة في المقالات القادمة: لماذا الإنشقاق؟ ما العمل للتغيير؟ وما دوري أنا وأنت كمسلمين "عاديين"؟

ربما يكون الجواب بأن نتعلم من الذين نسميهم "الكفار", من الشعب ألألماني, ونتعلم منهم تحطيم الجدران التي بناها الغرباء لنا, كما حطموا هم جدار برلين!


يتبع إن شاء الله وقدَر...

الأربعاء، 20 يناير 2010

الطلاب العرب في الغربة- ما بين الخوف وبين نشوة الحرية (الجزء الثاني)


ربما معظم طلابنا الجامعيين وبينهم أولئك الذين يتعلمون خارج البلاد في دول أوروبا قد مروا تجربة مماثلة مع ذويهم, تجربة تخويف وتحذير من القضايا الأمنية, وتحذير بأن لا يقوموا بأي نشاط سياسي أو وطني أو قومي خارج البلاد وداخل البلاد, لأن "الجميع مراقب".
ولا بد أن كثيرأ من طلابنا هؤلاء يحترف الصمت والسكون السياسي, ويحدث نفسه يومياً, إياك والسياسة, لا مظاهرات لأن الشاباك يراقب كل المظاهرات وكل الطلاب العرب في الخارج.
إياك والصلاة في المساجد, لأن الشاباك والمخابرات المحلية يراقبان كل المساجد.

ولا بد أن كل طالب مغترب قد سمع من أهله قصص لطلاب مغتربين تم إعتقالهم على أيدي المخابرات بسبب إتصالات مع طلاب عرب أجانب أو مع "عملاء" لدول عربية أو لحزب الله أو لحماس وغيرهما.

فقد تم إعتقال مجموعة من شباب سخنين درسوا في الأردن بسبب العلاقة مع عميل لحركة حماس.
وقد تم إعتقال شاب يدرس الطب من قلنسوة في ألمانيا بسبب علاقة مع عميل لحزب الله.

سأحاول ببعض الأسطر القادمة تسليط الضوء على قضية "الإتصال مع عميل أجنبي" والمخالفة القانونية والجزائية المنصوص عليها بالقانون الإسرائيلي, بهدف التوعية والإرشاد أولاً, وبهدف التحذير ثانياً. فكثير من طلابنا العرب في الخارج يقع ضحية لهذا الموضوع, فبعضهم ينجرف في تيار "البطولات" القومية والوطنية فيكون ضحية لعميل يوقعه في السجن فيدمر حياته, وهذا نحذره من التهور.

وبعضهم الأخر يكون أسيراً للخوف فلا يشارك في مظاهرة ولا بصلاة في مسجد ولا في أي نشاط إجتماعي, فهذا نحاول توعتيه وإرشاده لكي لا يكون مجرد طالب يركض وراء شهادة جماعية لا يبالي بقضايا شعبه ووطنه.


من ناحية المبدأ القانوني العام فإن القانون الإسرائيلي نافذ على كل مواطن إسرائيلي أينما كان, حتى لو كان في دولة أجنبية, خاصة بما يتعلق في المخالفات والمواضيع "الأمنية", ويمكن القول وإتباع القاعدة القانونية ألتي تقول: أن كل ما هو ممنوع في إسرائيل ممنوع خارج البلاد, وما هو مسموح في إسرائيل مسموح خارج البلاد.
يعني إذا كانت الصلاة في مسجد يصرخ فيه الشيخ ما يشاء ضد سياسية الدولة هو أمر مسموح, فإن الصلاة في مسجد في ألمانيا في ظروف مشابهة هو أمر مسموح.
وإن كانت المظاهرة في إسرائيل ضد الحرب على غزة هي أمر مسموح به, فإن المظاهرة في لندن أو برلين ضد سياسات إسرائيل هو أمر مسموح أيضاً.

وإن كان الإلتقاء واللقاء مع عضو من حماس أو حزب الله أو القيام بأي عمل ضد الدولة هو مخالفة قانونية في إسرائيل, فإن الأمر نفسه مخالفة في خارج البلاد, والقانون اللإسرائيلي يعاقب على ذالك.

سأشدد في هذه الأسطر على المخالفة القانونية المعروفة بإسم "التواصل أو الإتصال مع عميل أجنبي" ( مجع عيم سوخن زار/سوخن حوتس). والتي هي المخالفة العامة التي يقع فيها الكثير من الطلاب العرب في خارج البلاد, والقانون يمنع أي إتصال وأية علاقة أو تواصل مع شخص هو عميل وعامل لدولة أجنبية "معادية لإسرائيل" أو عميل لمنظمة معادية لإسرائيل مثل حزب الله وحماس.

البند 114 لقانون العقوبات ينص كالتالي:
(أ) الذي يقيم وهو واع وعلى علم, تواصل مع عميل أجنبي ولا يوجد لديه تبرير منطقي لذالك, جزاؤه السجن حتى 15 سنة.
(ب) إذا حاول شخص إقامة تواصل مع عميل أجنبي, أو قام بزيارة مكان سكن أو عمل العميل الأجنبي أو تواجد برفقته, أو عثر معه على إسم أو عنوان عميل أجنبي ولا يوجد لديه تبرير منطقي لذالك, جزاؤه مثل جزاء المتواصل مع عميل أجنبي. ( سجن حتى 15 سنة).
(ج) في هذا البند, تعريف "عميل أجنبي" – يشمل كل شخص يوجد شك إتجاهه بأنه يعمل, أو تم إرساله للعمل من قبل دولة أجنبية أو تنظيم إرهابي أو لأجلهم, لجمع معلومات سرية أو أمور أخرى الممكن أن تضر بأمن دولة إسرائيل وأيضاً يوجد شك منطقي للشك به أنه عضو في تنظيم إرهابي أو له علاقة به أو يعمل من قبله.
(د) لا يدان شخص بهذا البند إذا ثبت للمحكمة أنه لم يقم بأي عمل ولم يقصد القيام بأي عمل الذي يمكن أن يؤدي للإضرار بأمن الدولة.

أيضاً البند 111 للقانون ينص على منع إعطاء معلومات للعدو كتالي:
الذي ينقل وهو واع لذالك, معلومات للعدو أو من أجله, جزاؤه السجن حتى 10 سنوات. إذا كانت المعلومة قد تفيد العدو جزاؤه السجن حتى 15 سنة. إذا قصد الشخص الضرر بأمن الدولة جزاؤه السجن المؤبد, أدى الشخص بإهماله لإيصال معلومة للعدو والتي يمكن أن تفيده, جزاؤه السجن حتى 3 سنوات.

من بنود القانون المذكورة أعلاه, يتبين أن كل علاقة مع شخص مرتبط والذي يعمل مع دولة أو تنظيم معادي لإسرائيل هي علاقة ممنوعة والقانون يعاقب عليها.

يعني ببساطة أخوتي وأخواتي الذين تدرسون خارج البلاد وداخل البلاد, إذا حدث وتعرفتم على شخص, عرفتم من خلال حديثه أنه يعمل أو هو عضو بأي تنظيم معادي للدولة فعليكم بالحذر وقطع العلاقة معه, لأنه في كثير من الأحيان يكون العملاء والناشطون في التنظيمات والدول المعادية للدولة مراقبين من قبل أجهزة المخابرات إما للدولة الأوروبية وإما للمخابرات الإسرائيلية, خاصة على ضوء موجة الحرب على الإرهاب في كل دول العالم, لذالك كل علاقة "مشبوهة" حتى ولو كانت من وجهة نظرك علاقة عادية فربما تكون مراقبة وربما تنكشف في أخر الطريق, لذالك من الأفضل عدم المخاطرة بعلاقات مع أشخاص "مشبوهين" لأن النتائج قد تكون وخيمة وسيئة.

لا يعني المذكور أعلاه أن تقطع علاقاتك بكل شخص عربي ومسلم تتعرف عليه في الغربة, بل العكس, من الجيد والمفيد التعرف على مسلمين أوروبيين والتعلم منهم, بل عليك الإستفادة كل الإستفادة من وجودك في الغربة والإحتكاك مع مسلمين وعرب وأجانب من شتى بقاع الأرض, فسنة الله في الكون "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا, إن أكرمكم عند الله أتقاكم", لذالك إخوتي إستغلوا نشوة الحرية في الغربة, تعلموا وطوروا شخصياتكم وإشحذوها بالعلم والفكر والتألق, حتى تعودوا فرساناً وقادةً لمجتمع هو بأشد الحاجة أليكم,
ولكن عليكم إخوتي الحذر في تكوين العلاقات والصداقات والتروي بتطويرها للتأكد من الأشخاص الذين تتعرفون عليهم. خاصة وأن هنالك أشخاص وظيفتهم وعملهم الإيقاع بالطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج.

طب سؤال ثاني ونصيحة ثانية, سألني أخ طيب " شو مع أشخاص يؤيدون فكرياً تنظيمات ودول ضد إسرائيل, يعني بعملوش إشي!" بس بحكوا؟؟
الجواب أخي الكريم, خلي حبك وتأييدك لمنظمات هي إرهابية حسب القانون الإسرائيلي لنفسك وخلي حبك بقلبك, يعني خليه حب عذري!!

القانون الإسرائيلي ينص أيضاً, حسب قانون منع الإرهاب لسنة 1948, أن الشخص المؤيد لمنظمة إرهابية جزاؤه السجن حتى 3 سنوات.

والتأييد حسب القانون هو كل شيء من الأمور التالية:
- النشر, إما خطياً أو شفهياً, مديح, تأييد أو دعوى للمساعدة أو دعم منظمة إرهابية, أو
- الذي بحوزته مواد دعائية لمنظمة أرهابية, أو
-الذي يتبرع بأموال أو أمور عينية لصالح منظمة إرهابية, أو
-الذي يضع تحت تصرف شخص معين مكان من أجل أن يتم إستعماله من أجل منظمة إرهابية أو لأعضائه, بشكل دائم أو في مناسبات معينة, مكان عمل, إجتماع, دعاية أو مخزن.
-الذي يضع تحت تصرف شخص معين شيء من أجل أن يتم إستعماله من أجل منظمة إرهابية أو لأعضائه بعملية للمنظمة الإرهابية.
-الذي يقوم بأي عمل فيه إظهار تضامن مع منظمة إرهابية أو تأييد لها, برفع علم, أو إظهار شعار أو دعاية, أو بإسماع نشيد وطني أو نشيد خاص بالمنظمة, أو كل عمل علني مشابه الذي يظهر منه بشكل واضح تضامن أو تأييد, وذالك في مكان عام أو بشكل يمكن لأناس بمكان عام أن يروه أو يسمعوه.

لذالك يا إخوتي وكما يمكن أن تفهموا بأنفسكم, حتى الحب والتأييد ممنوع لمنظمات هي إرهابية حسب القانون الإسرائيلي, لا بكلام ولا بغرام ولا برسائل, ولا بحملان أعلام ولا بمظاهرة, يعني إذا بتحب حب لحالك وبقلبك ولا تكشف هذا الحب.
يعني القانون الإسرائيلي يقول لك: لا حماس ولا جهاد ولا حزب الله ولا قاعدة ولا تحب حدا ولا تأيد حدا ضد إسرائيل, حتى لو كان بلعب فطبول ( بمزح بالفطبول- هاي مسموحة).
أيد برشلونة وريال مدريد وحب البرازيل والأرجنتين وعلق أعلامهم, غير هؤلاء فهذا مخالف للقانون الإسرائيلي ويمكن أن تحاكم عليه وتضيع بسبب الحب. فدير بالك.


لذالك إخوتي, في ختام مقالتي نصيحتي إليكم هي كما نصحني أبي عندما كان عمري 18 سنة:

"إياك والتهور, فأنت مقبل على الجامعة وأية مخالفة وتصرف طائش قد يدمران مستقبلك وحياتك, تخيل لو تم إعتقالك, إنتظر بضع سنوات حتى تنهي تعليمك الجامعي وتبني شخصيتك وتطورها, وعندها إفعل ما تريد. فإن إعتقالك لن يفعل للأمة ولا للشعب شيئاً, ولكن أكاديمياً مثقفاً يهتم لحال أمته يخدم شعبه أكثر من ألف معتقل وسجين
".


والسلام

الطلاب العرب في الغربة, ما بين الخوف والحذر من أعين المخابرات وبين نشوة الحرية (الجزء الأول)


تقول إحدى القواعد التي يتبعها المحتل للسيطرة على الشعوب وإبقائها في حالة الخوف, أنه:
" لا حاجة لأن يكون من بين كل ثلاثة أشخاص عميل للمخابرات, ولكن يكفي أن يعتقد الجميع بذالك"


الخوف: هي كلمة السر التي يتبعها كل محتل للسيطرة على الشعب المحتل, فإذا أبقيت الشعب بحالة من الخوف فتأكد أنه لن يقوم لهذا الشعب قائمة.

لا زلت أذكر حتى اليوم إنتفاضة الأقصى في سخنين وأحداث يوم الأرض عام 2000, فقد كانت تلك السنة التي تلت إنهائي لتعليمي الثانوي وقبل دخولي للجامعة, فقد كانت مرحلة الطيش وعنفوان الشباب, ولا زلت أذكر طفرة المشاعر وضخامتها حتى ان القلب كان يضطرب لضخامة تلك المشاعر.

كنت أشارك في كل مظاهرة ليوم الأرض في سخنين, أيضاً تلك المظاهرة في شهر أذار في سنة 2000. لا زلت أذكر جيداً منظر الحاجة شيخة أبو صالح التي قارب عمرها ال- 70 سنة حينها, وهي تتقدم صفوف الشباب في المظاهرة. بعدها تبين أن الحاجة شيخة أستشهدت جراء الأحداث مع الشرطة وإستنشاق الغاز المسيل للدموع.

كانت المسيرة صاخبة حينها, وكانت المظاهرة في ظلال عدم توسيع مسطح البناء للقرية, كان الحفل الختامي في أحد كروم الزيتون غربي سخنين وبالقرب من مسجاف. لا زلت أرى منظر رجال الشرطة مسطَفين بين أشجار الزيتون يراقبون الشباب مراقبة الذئاب الجائعة للأغنام الشاردة. دماء الشباب تنتشر في عروقنا إنتشار حمم البركان. من دون مقدمات ومن دون أن أذكر لماذا, بدأ رشق الحجارة إتجاه رجال الشرطة المختبئين بين أشجار الزيتون. ثواني وبدأ وابل من قنابل الغاز المسيل للدموع ينهمل علينا. كنت قد تخيلت ورسمت في مخيلتي طوال الليل تلك اللحظات التي تقذف فيها قنابل الغاز إتجاهنا, وكنت قد رسمت الخطة في ذهني, وهي أن ألتقط قنبلة الغاز فور سقوطها وقبل إنتشار الغاز بكثافة, ورميها بإتجاه رجال الشرطة.

حاولت تنفيذ مخططي, لكني لم أتخيل أن والدي كان يسير خلفي طوال المظاهرة ويراقبني, وما أن وقعت يدي على قنبلة الغاز محاولاً إمساكها وقذفها, وإذا بوالدي يقف بجانبي وفوق رأسي يصرخ علي أفلتها.
كانت مفاجأة مذهلة لي.

قادني أبي الى البيت قائلاً لي:
"إياك والتهور, فأنت مقبل على الجامعة وأية مخالفة وتصرف طائش قد يدمران مستقبلك وحياتك, تخيل لو تم إعتقالك, إنتظر بضع سنوات حتى تنهي تعليمك الجامعي وتبني شخصيتك وتطورها, وعندها إفعل ما تريد. فإن إعتقالك لن يفعل للأمة ولا للشعب شيئاً, ولكن أكاديمياً مثقفاً يهتم لحال أمته يخدم شعبه أكثر من ألف ألف معتقل وسجين".

كانت تلك أفضل نصيحة لي طوال حياتي.

أيضاً لا زلت أذكر كيف أن أبي إستمر في مراقبتي والسير خلفي طوال أحداث أوكتوبر 2000 التي تلت أحداث يوم الأرض. فقد كان يعرف والدي طيشي وضخامة غضبي, لكنَي حينها كنت قد وعدت أبي أني سأستمع لنصيحته وأني لن أقوم بشيئ متهور, وأني سأتروى وأفكر في إتجاهات حياتي بالجامعة. وفعلاً كان ذالك.

الجزء الثاني يتبع ..

الاثنين، 18 يناير 2010

المقالات القادمة بإذن الله- أرجو النصائح والملاحظات


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

حالياً أنا أعمل على تحضير وكتابة مقالات بالمواضيع التالية:

* كتلة إقرأ القدس- عامان من شق الصفوف وفشل المشروع الإسلامي
* الطلاب العرب في بلاد الغربة, ما بين الخوف والحذر و نشوة الحرية
*الحوار و حرية التعبير في الإسلام وسياسة تكميم الأفوه لدى الحركات الإسلامية.
أرجو من كان له نصيحة أو ملاحظة أو إقتراح أن لا يبخل علي بذالك.

بسبب ضيق الوقت المتاح لي ان شاء الله سأنهي وأنشر مقالة كل بضعة أيام.

والسلام

السبت، 16 يناير 2010

الكتابة والنشر في الإنترنت- ما بين حرية التعبير ومنع القذف والتشهير



لا يخفى على الجميع أن صفحات الإنترنت والمدونات الإلكترونية أصبحت أكثر وسائل النشر والتعبير عن الرأي إنتشاراً, فقد أصبح من السهل عليك أن تجلس أمام شاشة الحاسوب في ساعات فراغك, تترجم مشاعرك وأفكارك وأحاسيسك إلى كلمات تكتبها بالضغط على "أزرار" بلاستيكية على لوحة المفاتيح, فترتسم على تلك الشاشة الزجاجية التي أمامك جمل وصفحات, هي بنات أفكارك وخيالك.
أحياناً الكتابة في المدونات هي طريقنا للهروب من الواقع المر الذي نعجز عن تغييره, فنهاجمه بأقسى الكلمات على صفحات الشبكة العنكبوتية. وأحياناً ما تكون هذه الصفحات هي الوسيلة الأسهل لتفريغ غضبنا وإحتقان مشاعرنا ضد واقع مرير وحال تعيس نأبى التسليم به.
في أحيان أخرى كثيرة, تكون المدونات وصفحات الشبكة هي أسهل الطرق لنهاجم أولئك الأشخاص والرموز الذين نلومهم ونضع عليهم أوزار المجتمع, فترانا ننتقد بعضهم ونسخر من بعضهم الأخر, وأحياناً بعضنا يسبهم ويشتمهم.

قد يوافقني معظمكم اذا قلت أن معظمنا يشعر بأن حدود الكتابة على صفحات الإنترنت هي مفتوحة ولا محدودة, وبعضنا يعتقد أن من حقه الكتابة والحديث عن الذي يريده وبالطريقة التي يريدها من دون رقيب أو رادع, ويظن بعضنا أنه مسموح لك أن تنشر ما تريد وأن تشتم من تريد وأن تسخر ممن تريد, فأنت تجلس في غرفتك ربما في مكان معزول عن العالم, وحيداً مبتعداً عن الناس في أغلب الحالات, لا تشعر بالتهديد والخوف الذي ينتابك أحياناً حين إنتقاد شخص يقف أمام عينيك ويواجهك, خاصة وأنه يمكنك الكتابة متخفياً وفي إسم مستعار ودون أن يستطيع الناس معرفة هويتك وشخصيتك, فيكنك أن تسمي نفسك "داي الشجاع" أو "كونان" أو "مجرد عابر سبيل".
في الحقيقة هذا التصور خاطئ ومغلوط وهنالك الكثير من الأمور "الممنوع" كتابتها والتي تعتبر "غير قانونية" والتي من الممكن أن تعرضك للمشاكل ولطائلة القانون, وسأحاول التطرق الى الممنوع المسموح كتابته ونشره من منظور حرية التعبير عن الرأي وحدوده بقانوني منع القذف والتشهير وقانون حماية الخصوصيات في القانون الإسرائيلي.

من الجيد البداية بالقول أن المحاكم والقانون يعطيان أولوية كبيرة وأهمية لحرية التعبير عن الرأي خاصة في الإنترنت, ولكن هذه الحرية محدودة وتخضع لموازنات مع عدم القذف والتشهير بالأشخاص ومنع التعدي السافر على خصوصياتهم.

قانون منع القذف والتشهير (إيسور لشون هراع) يعطي في البند الأول تعريفاً واسعاً شاملاً "للقذف والتشهير" الممنوع, حيث يدخل فيه :
"أي شيئ نشره وإعلانه قد يؤدي الى إهانة شخص في نظر الناس, أو جعله هدفاً للكراهية أو للسخرية أو للإحتقار. كان الأمر متعلقاً بتصرفاته أو صفاته أو من الممكن أن يضر بعمله أو وظيفته. وأيضاً إحتقار الشخص بسبب لونه أو قوميته أو دينه وما شابه".

كما ترى أخي الحبيب الكثر من الأمور التي تنشر من الممكن أن تكون ممنوعة حسب القانون. وعلى فكرة, وسيلة النشر حسب القانون هي "كل وسيلة نشر" يعني برضو الشبكة العنكبوتية.
برضو على فكرة, القانون يعطي الشخص المتضرر من النشر حق التقدم بدعوى للمحكمة والمطالبة بتعويض مادي قد يصل الى 50,000 شيكل بدون إثبات أي ضرر. يعني مجرد النشر الذي يحوي على قذف وتشهير.

سيقول البعض يعني أذا كان هذا الحال فلنقفل المدونات والصفحات الإلكترونية! فالجواب هو لا ولا, لأن القانون يفصل المسموح واللممنوع وسأحاول شرح ذالك بتبسيط وفقط سأتطرق للأشياء التي تهمنا هنا , بس بعينكوا الله تتحملوا شويت ملل وضجر من الشرح.

المسموح كتابته بشكل مطلق:
إذا كان الشيئ المنشور هو حقيقة وصدق وفيه أهمية للجمهور. يعني مش بس الحكي مزبوط, لازم برضو يكون إشي يهم الناس. يعني ممنوع تحكي عن صاحبك إنو بخيل ونودنيك وبايخ حتى لو كان الحكي مزبوط, لأنه هذا الإشي ما بهم حدا (غيرك).
ولكن يمكنك أن تقول عن رئيس البلدية عندكم بالبلد أنه سرق كيس حليب من السوبر ماركت, لأن هذا الحكي مزبوط وصحيح ولأنه بهم أهل البلد, يعني إذا بسرق كيس حليب معناها شو مع الميزانية 50 مليون شيكل!!

اذا كان النشر هو بطيبة قلب ونية صافية وقلب أبيض فهذا الأمر مسموح إذا كان فيه أحد الأمور التالية:
· اذا كنت لا تعلم عن الشخص المتضرر أو أنه يمكن أن يكون في الأمر قذف وتشهير.
· أو اذا كانت نوعية العلاقة بينك وبين ذالك الشخص تضع عليك واجب قانوني أو أخلاقي أو إجتماعي بالنشر والإعلان. ( يعني أذا بدك تتبرأ عن صاحبك لأنه ما عزمك على فنجان قهوة أو لأنه قتل قتيل أو لأنه بدو يتجوز واحدة مطلقة 5 مرات وعندها 10 ولاد وعمرها 42 سنة فعندك واجب أخلاقي وإجتماعي تحكي قصته)
· برضو إذا كنت تدافع عن نفسك أو عن شيء يخصك أو عن حق لك فهذا مسموح.
· أو إذا كان النشر تعبيراً عن رأيك إتجاه تصرف شخص له مكانة أو منصب جماهيري, أو أتجاه أقواله أو ماضيه أو أراء هذه الشخص الناتجه عن تصرفه. ( يعني إذا أثنين مشايخ وقادة حركات إسلامية بهدلوا الإسلام ودارو يسبوا على بعض وهذا يقول للثاني إنت كذاب وهذا يقول للثاني أنت منافق وأقوالك عهر وعامل حالك شيخ- بهيك حاله بتقدر تحكي عليهن شو بدك وأنا بظهرك)

خلاصة الحديث, أذا كان قولك يبدأ بجملة أنا أعتقد وأنا أظن - يعني بتعبر عن رأيك وإعتقادك في أمور عامة فهذا على الأغلب مسموح-
أما اذا كان النشر هو إظهار الأمر على أنه حقيقة وواقع- فيجب أن يكون الأمر فعلاً كذالك وفيه أهمية للناس.

على فكرة, النشر ليس فقط بالمدونات بل أيضاً بالتعقيبات على المواضيع في المواقع المختلفة. فإذا كان النشر مسيئ فيمكن إلزام الموقع الناشر بكشف تفاصيلك- يعني البريد الألكتروني اذا وجد ورمز وموقع الحاسوب الذي تم منه النشر وما الى ذالك) يعني دير بالك بالتعقيبات.

في الحقيقة الموضوع أوسع من ذالك بكثير ولكن سنكتفي بهذا القدر منعاً للملل.

طيب سؤال أخير ؟ إذا نشرت في مدونتك صورة لشخص معين وهو مشترك في مظاهرة/ يصلي في المسجد/ يجلس في أروما/ يجلس في صالون بيته/ يجلس في مكتبه, فهل هذا مسموح أم ممنوع؟؟

الجواب هو أين وكيف تم تصوير الصورة وكيف يتم نشر الصورة وفي أي سياق! يعني للتوضيح:
قانون حماية الخصوصيات (هجنات هفرطيوت) ينص على الأمور الممنوعة وفيما بينها:

تصوير شخص بحالة وجودة في مكان خاص أو منعزل- ليس في مكان عام- يعني إذا كان موجود في بيته أو غرفته أو في ساحة منزله وما شابه فذالك التصوير ممنوع ونشر الصورة أيضاً ممنوع.
أما إذا كان الشخص يجلس في قهوة الجامعة أو على شاطئ البحر العام أو يسير في الشارع أو في مظاهرة عامة أو في المسجد فهذا التصوير مسموح.
هذه من ناحية التصوير نفسه ( حتى من دون نشر), ولكن بالنسبة لنشر الصورة فإن نشر الصورة يكون ممنوع اذا كان الأمر قد يتسبب بإهانة الشخص أو تحقيره حتى لو كان تصوير الصورة جائز. مثال:
إذا صورت صورة شخص وهو يشترك في مظاهرة قانونية ضد قسط التعليم الجامعي فهذا التصوير مسموح ونشر الصورة في مقالة بهذا الصدد مسموح. ولكن إذا نشرتها تحت عنوان أحداث شغب ومظاهرة غير قانونية قام بهم الشخص صاحب الصورة فهذا ممنوع.

أيضاً تصوير شخص وهو يجلس في أروما هو مسموح ونشر الصورة في سياق أروما والطلاب العرب أو أروما/عروبا فهذا مسموح. ولكن نشرها تحت سياق قهوة تبيع المخدرات والخمر في قرية عربية, فهي صورة نشرها يكون ممنوع لأنها تهين هذا الشخص وتحقره.

أرجو أن يكون في هذه المقالة بعض الفائدة المرجوة وأرجو أن أكون وضحت بعض من الأمور وأعتذر عن الملل والإطالة. وطبعاً إذا كان هنالك إستفسار عن حالة معينة فيسعدني أن أرد عليها على البريد.

الأربعاء، 13 يناير 2010

الشيخ رائد صلاح... شكراً (إقرأها في 7 دقائق)



كنت هنالك مع أولئك الذين إستطاعوا الدخول لمبنى المحكمة حيث قاضت دولة إسرائيل الشيخ رائد صلاح بتهمةٍ هي "مهاجمة" شرطي وإهانته وإعاقته في أداء وظيفته, وهذه التهمة هي الإدعاء أن الشيخ قام بالبصق على أحد رجال الشرطة.
قبل الدخول وعند وصولي لباب المحكمة كان هنالك عشرات الأشخاص يصطفون حول المدخل وأمامه, حيث تم السماح فقط لبضع أشخاص بالدخول الى المحكمة, وإصطف عشرات الشباب تبدو على ملامحهم سمات الترقب والتوتر, وكأن لسان حالهم يقول "الله يحمي الشيخ من ظلم الإحتلال".

على باب المدخل أبرزت بطاقتي الزرقاء التي تدل على مهنتي كمحامي, وكأنها كلمة إفتح يا سمسم قالها علي بابا على باب المغارة, فإنفرجت صفوف رجال الأمن لتسمح لي بالدخول.
تقدمت بضع خطوات لأرى ذالك الشخص فارع الطول عريض المنكبين, أصبح من العلامات الملازمة للشيخ, كان ذالك حراسه الشخصي الشيخ محمد والذي كان بحكم مهمته يلازم الشيخ كظله, عانقته وسلمت عليه حيث تجمع بيننا علاقة قوية من القرابة والألفة والصداقة, فهو عم زوجتي, سلمت عليه وأنا ألمح على محياه علامات الترقب والتوتر فحاولت التخفيف عنه قائلاً الله يفرج كرب الشيخ.
كان الشيخ يقف هنالك, بجانبه, محاط بعشرات الأشخاص إحاطة السوار بمعصم اليد, يلبس على رأسه قبعة بيضاء زادته وقاراً وهيبه, زينت قسمات وجهه إبتسامته الهادئة الواثقة من قدر الله, وبالرغم من ملامحه التي أظهرت عليه التعب والإعياء من كثرة الجهاد والرباط في سبيل الله, فكأن لسان حاله يقول للجميع, لا تقلقوا علي يا أبنائي, إن معي ربي سيهدين.

على طول الدرج الملتوي الذي يصعد للطابق الثاني إصطف عشرات المصورين والصحفيين, فاق عددهم العشرين. كل أمسك بكامرته يصوبها نحو الشيخ, كل يريد أن يلتقط لحظة يأس أو خوف على ملامح الشيخ, لكن أي منهم لم يرى عليه ذالك.

في الأعلى حيث قاعة القاضي "شمعوني" الملقب "بالمختار" عند المحاميين, كان العديد من رجال الأمن, قد وضعوا الحواجز ومنعوا الدخول لقاعة المحكمة إلا للشيخ وعدد قليل جداً من مرافقيه.
وقفت بجانب القاعة أنا وصديق لي يعمل بالمحكمة, بادرني بالقول أنه قبل أسبوعين أخبرهم أحد الأشخاص المطلعين في المحكمة, أن قرار الحكم سيكون بسجن الشيخ سجن فعلي. قلت له لا يمكن ذالك, فدرجة العقوبة على مخالفات مشابهة يمكن أن تصل ل 3 أشهر خدمة للجمهور كأقصى حد, ولكن أن يكون سجن فعلي فهذا أمر أستبعده, بعدها بدقائق تبين حجم خطئي.

في أثناء وقوفنا خرج "المختار" من غرفته كأنه يريد النظر الى عدد الناس الذين إصطفوا خارج القاعة. كان هو من القضاة الذين يحبون أن يكونوا وسط الإهتمام وترقب العيون لهم, وبعد دقائق عاد لغرفته ودخل قاعة المحكمة مستعداً لقراءة الحكم. حقيقة لم أتوقع هذه الحكم الجائر بالرغم مما أعرفه عن مواقف "المختار" السياسية, فهو من أصول عربية.

دخل الشيخ الى قاعة المحكمة وتم إغلاق الباب,وفي الخارج إنتظرنا النطق بالحكم مع الصحفيين والأشخاص الذين تم السماح لهم بالدخول.
وقفت أنا وصديق لي من أفضل المحاميين الجنائيين وصديق أخر يعمل بالترجمة كان قد حضر إحدى جلسات الشيخ. تحدثنا فيما بيننا عن ما سيحدث وعن "طاقم" المحاميين الذين يتولون الدفاع عن الشيخ, وكيف أن إدارة القضية كانت بشكل سيئ للغاية لا يتناسب مع مكانة الشيخ, وكان رأيي أن الشيخ يحتاج أن تكون معه نخبة من المحاميين المتميزين إذا أراد بالفعل اللعب وفق قوانين الإحتلال وقوانينه.

بعد دقائق بدأ الصخب والضجيج يعلو, علا صوت أحدهم ليقول أن المحكمة قد فرضت السجن الفعلي 9 أشهر على الشيخ. بداية لم أصدق ذالك وسألت صحفياً أظنه يعمل في جريدة "هأرتس" أكد لي الخبر.
بدأت جموع الصحفيين تتفرق, بعضها إنتظر الشيخ لتصوير ملامحه, وبعضهم الأخر نزل لمدخل المحكمة حيث كان أحباء الشيخ ينتظرونه, وحيث كان من المتوقع أن يخاطبهم الشيخ كما عودهم.

نزلت أنا لمدخل المحكمة يعتصرني الغضب والألم, فأنا أعرف ما معنى أن يدخل شخص السجن, وأعرف قسوة الإحتلال ومدى حقدهم على الشيخ, فهو من القادة القلائل الذين لا ينافقون ولا يغازلون الإحتلال ولا يوادد السلطات. أغضبني أكثر ما أغضبني أنه لم يكن بإستطاعتي فعل شيئ للشيخ, تمنيت لو أني كنت داخل المحكمة لأفعل ما أظنني أمتاز به, ولو على الأقل إسماع كلمة حق لدى سلطان جائر, أو على الأقل تفريغ غضبي.
كانت تلك لحظات نادرة تحصل لي مرة بضع سنوات, تمنيت فيها لو أني كنت فيها من أبناء الحركة الشمالية لأدافع بها عن الشيخ في المحكمة, ففقط أولئك يمكنهم الوصول الى الشيخ.

وقفت جانباً أراقب وجوه الشباب الذين إصطفوا بالخارج ينتظرون رؤية الشيخ والتعبير له عن حبهم, كان أحدهم يقود الجموع بتكبيره وبصراخه " شيخ الأقصى .. رائد" وكان الجميع يردد وراءه.

أخيراً خرج الشيخ من باب المحكمة, أخذ صراخ الشباب وتكبيرهم يعلو. لوح لهم الشيخ بيده والإبتسامة لا تفارق محياه, وكأنه يقول لهم, لا تحزنوا علي, فالسجن لن يزيحني عن دعوتي ولا عن عن قضيتي, فالسجن للأبطال والمجاهدين والأنبياء, فهل من قدوة أفضل من يوسف الصديق نبي الله؟ وهل من قدوة خير من سيد المجاهدين الشيخ أحمد ياسين؟ وهل من أبطال خير من عمر المختار؟ كلهم سجنوا ظلماً ولكن أي منهم لم يتخلى عن مبادئه ودعوته الى الله.

كان الشيخ يشبه أكثر ما يشبه عمر المختار في عزته وشموخه وجبروته. تفحصت ملامحه عن كثب محاولاً إستكشاف مشاعره, بالرغم من جبروته فقد لمحت في الشيخ بعض الحزن, تلك النظرة رأيتها مرات عديدة على وجوه المظلومين في المحاكم. كانت نظرة لا بد منها تظهر من دون سيطرة لك عليها.

لحظات وبدأت خطابات قصيرة لقيادات الجماهير العربية, تكلم فيها محمد زيدان رئيس لجنة المتابعة ومحمد بركة رئيس الجبهة, وأخرين لم أهتم لسماعهم.
أحببت لو أن قادة إسلاميين من الحركة الجنوبية تنازلوا عن بعض من كرامتهم وتواجدوا للتضامن مع الشيخ, فهذا أقل واجب إتجاه أخ مسلم, بل هي قد تكون أكثر خطوة سياسية حكيمة, ولكن كما يبدو فإن ران القلوب وقسوة التشقق والإنشقاق منعت النور والحكمة من الوصول للعقول كما القلوب.

سررت حين إنتهاء خطابات اولئك "القادة", حقيقة أنا لا أرى أياً منها يمثلني, فقياداتنا وللأسف ضعيفة ولا ترتقي لمستوى المسؤوليات والأولويات, ولكن كما يبدو فإن حال مجتمعنا لا يستحق قادة أفضل ييسرهم الله لنا.

بعد لحظات من الصمت تحدث الشيخ, بنبرته القوية الهادئة التي تبعث في القلوب الإطمئنان والثقة بقدر الله, طمأن محبيه على حاله, وأكد أن شيئاً لن يزيحه عن دربه وعن قضيته, وإن كان لا بد من السجن ثمناً للجنة فنعم الثمن يدفعه.كانت كلماته قصيرة ومختصرة, أنهاها الشيخ وكأنه يريد الجلوس مع نفسه وأهله للراحة والتفكير في المستقبل والمصير.
رأيت سائق سيارة الشيخ يذهب لإحضار سيارته , وعرفت أنها لحظة فراق الشيخ, كان الكثير من الشباب يعانقون الشيخ ويقبلونه, محتاجين هم أكثر منه للثبات والصبر, فكأنه حتى في تلك اللحظات يزرع الثبات والصبر في الشباب.
خجلت أنا من الشيخ ومن عناقه, فأنا لم أجد أن أحداً قدم للإسلام مثلما قدمه الشيخ حتى يستحق عناقه. فإكتفيت بالنظر اليه من بعيد.

على بعد خطوات منه إعتلى نائب الشيخ حاجزاً حجرياً كان على الأرض, فبدا النائب أطول من الموجودين ولكنه لم يكن في علو الشيخ وزهوه, ربما حاول الصعود على ذالك الحاجز ليبدو في مكانة الشيخ, لكن أحداً لم يكن في مكانة الشيخ.
لحظات ونزل النائب عن الحاجز, ربما لاحظ أن المكان والموقف لا يسمح بالإرتفاع فوق الشيخ, فحتى لو أن الشيخ دخل غياهب السجن فسيبقى هو النائب والشيخ هو الشيخ. تحدث النائب الى الجموع محاولاً تلطيف الموقف وإظهار بعض من روح الدعابة كأن ما حدث هو أمر عابر, وكأن الشيخ إعتاد على السجن, وكأن الجموع إعتادت على غياب الشيخ. ولكن أي من الجموع لم يعتد على غياب الشيخ وفراق الشيخ, فقد كان يعيش فيهم وفي قلوبهم, فهو القائد الوحيد الذي يلهب مشاعر الجماهير ويظهر بالرغم من مكانته كواحد من الشعب.
نظرت إلى النائب وقلت في نفسي, لو أنك تكون يوماً بشجاعة الشيخ وأن تجرب مراراً السجن عنه, علك تريحه من بعض الثقل الذي يضعه على عاتقه.

مضت لحظات وتوقفت السيارة السوداء أمام الشيخ, لوح بيده للجموع ونظر إليهم نظرة محبة وفراق أخيرة, سارع الشيخ بالدخول للسيارة, دخل الحارس الشخصي للسيارة وراءه وأغلق الباب وراء الشيخ. سارت السيارة السوداء تشق صفوفها بين الحشود مبتعدةً عن الأنظار.
لقد تركنا الشيخ.
مضت لحظات وتلبدت السماء بالغيوم السوداء, سرعان ما بدأ المطر بالهطول. لا أدري أهي أمطار الخير والبركة أم هي السماء تبكي حزناً لمصاب الشيخ.

الثلاثاء، 12 يناير 2010

مصلى الرجال في هداسا عين كارم, كهف تحت الأرض يشع منه نور الإسلام



شاء الله أن أكون قبل يومين في صلاة "الإفتتاح" لمصلى الرجال في مستشفى هداسا عين كارم, وكانت صلاة العشاء.
كنت حينها في زيارة لأخ حبيب يدرس موضوع الطب في هداسا عين كارم, وكان هدف الزيارة الحديث في شؤون حركة الرسالة الطلابية التي ننشط فيها أنا وهو, خاصة وأننا كنا على مشارف إنتخاب إدارة جديدة للرسالة, وبحمد الله تم إنتخاب إدارة جديدة لدعوتنا, هي ربما أكثر الإدارات تميزاً في السنوات الأخيرة.

كنا نجلس ونشرب القهوة حين أخبرني أخي أمير بأن الأخوة الشباب دعوه "لإفتتاح" مصلى الرجال في المستشفى وأنه ستكون هذه أول صلاة في المصلى, وأن الأخوة ينوون تأدية صلاة العشاء فيه.

أحببت الفكرة وإشتقت للصلاة في جماعة مع الإخوان من طلاب الجامعة, فدائماً ما تعيدني هذه الذكريات لأيام جميلة قضيتها في الجامعة, كانت هي أيام الشباب. هي الأيام التي تحدد فيها لنفسك الطريق التي تريد أن تسلكها في حياتك.
فالجامعة هي المحضن لشخصيتك وبوصلة القيادة لمستقبل حياتك. ففيها تتحدد مهنتك وشخصيتك, وفي كثير من الأحيان تبدأ مرحلة الإلتزام فيها, وفيها تتبلور شخصيتك كقائد يسير معه الناس, أم إمعة يسير مع الركب السائر, وأحياناً أخرى تبدأ مرحلة الإنحلال والإنفلات في الجامعة, كل يختار مساق حياته.

أخبرني أخي أن اللقاء في الساعة السابعة, وسألته من القائمين من الشباب على "الإفتتاح" فأخبرني "الشباب" الملتزمون في السكن. أحببت ذالك كل المحبة, فقد كان أكثر الناس حباً الى قلبي أولئك الشباب الملتزمون, مع أن لبقية الطلاب محبة في قلبي, حتى العصاة أحببتهم من باب الرحمة والرأفة بهم والشفقة لحالهم, إلا أن الشباب الملتزمين كانوا مفخرةً لكل مسلم, فحال الجامعات وسهولة الإنحلال والتحلل فيها تجعل الملتزم درة ثمينة تهواها القلوب والنفوس .

سرنا الى المبنى الرئيسي للمستشفى, نزلنا تحت الأرض بطابقين. قطعنا عشرات الأمتار سيراً تعلونا أنابيب غريبة ذكرتني بسفن الفضاء, وضجيج الماكنات تحت الأرض كان يهدر في أذني يعيد الى ذاكرتي ذكرى أيام قضيتها في العمل في مصانع النسيج. عبرنا من باب للأمان تمر من خلاله بعد ثوان من الإنتظار حتى ظهور ضوء أخضر, فتشعر في خلجات نفسك كأنك في فرن ذري للسلطات الإيرانية حيث مركز أنظار العالم.

حتى بعد المسير لعدة دقائق لم نجد المصلى,فلا لافتات ولا إشارات تدل أنه من الممكن أن يكون في ذالك المكان المعزول عن العالم مصلى, فالمكان أشبه بمنجم من مناجم الفحم في الصين, حتى ضابط الأمن الذي وجدناه تحت الأرض لم يعرف المكان, وبالرغم من سؤال صديقي له عن وجود شباب عرب "حيبري عربيم" في المنطقة, فإن ذالك لم يساعد في شيئ.

جاء الفرج بعد أن دخلنا في متاهات وسراديب عديدة, وبعد أن رأينا شخصاً أخر سألناه عن "باب الكهان" "شاعر كوهنيم" فأشار إلينا بالاتجاه المطلوب.

كان المكان مدخلاً لأحد ملاجئ الأمان في المستشفى, على بابه علقت لافتة بيضاء كتب عليها بالخط الأحمر "مصلى للرجال", عبرنا الباب ودخلت متقدماً برجلي اليمنى كما علمنا الرسول عليه الصلاة والسلام قارئاً دعاء الدخول للمسجد: "بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم افتح لي أبواب رحمتك".
دخلت المصلى, فإذا هو بمساحة حوالي 50 متراً, فرشت معظم أرضيته بسجادات الصلاة, وتزينت جدرانه ببعض الملصقات الدينية من أيات القرأن الكريم وأحاديث الرسول, وإعتلت تلك الرفوف الصغيرة التي تسلقت الحائط بضع مصاحف وكتب دينية, كان أحدهما رياض الصالحين.

كان قد سبقنا للمصلى أخوين طيبين كلاهما تسمى بإسم الرسول, كلاهما محمد, وأخ أخر هو علي على إسم علي بن أبي طالب, وأسأل الله لهم أن يكونوا من أحباء النبي محمد ومن الذين يشربون بيده من الحوض.
بجانب غرفة الصلاة كانت غرفة صغيرة للوضوء, توضأت وأسبغت الوضوء وصليت محاولاً الخشوع بكل جوارحي ركعتي تحية المسجد, فهذه صلاتي الأولى في هذا المصلى عله يشهد لي يوم القيامة أني قد صليت فيه.
تبادلنا الأحاديث مع الأخوة لبضع دقائق, وأذ به يعلو من خلفنا صوت وصخب, كانوا مجموعة من الأخوة الذين جاءوا للصلاة ولللإفتتاح. كان عددهم 8 إخوة, سلمنا على بعضنا وتعانقت مع بعضهم, فكلهم أخوة لي أشهد الله أني أحبهم, والسلام بين الأخوة والمتحابين بالله هو سنة وهدي من هدي النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
بدأنا نرتب صفوفنا للصلاة, وإذا بأحد الأخوة يفتح مظروفاً أحضره معه ليخرج منه قميصاً أخضر "بلوزة" طبع عليها شعار لإحدى الحركات الإسلامية, رمى بها لأحد الأخوة قائلاً له إلبسها, فعلق عليه أحد الإخوة هو أحد المحمدين قائلاً, ما هذه الدعايات؟ هل جئنا للصلاة أم لحفلة؟ تبسمت لملاحظته التي عبرت عن ما جال في فكري.
أخوين أخرين لبسا هما أيضاً قميصاً أخضر فوق ملابسهما وتقدم أحدهما بعد طلب الإخوة منه ليؤم بنا في الصلاة, فقد كان أخاً يشهد له بالسيرة الحسنة والخلق الطيب ويحفظ عدة أجزاء من القرأن الكريم ويتقن القراءة. كان صوته عذباً ممتزجاً بنبرة صوت قوية زادته تأثيرأ في النفوس, فخشعت نفسي وكنت أدعو الله في سجودي أن يديم المحبة والأخوة بين المسلمين, فنحن أبناء دين واحد, نبينا واحد ونصلي صلاة واحدة لرب واحد ولكن هوى النفوس وطمع الدنيا ونزغة الشيطان فرقتنا.
سلمت على الأخوة بعد الصلاة, أستمحتهم عذراً للإنصراف مبكراً فقد كانت أختي وزوجها وبناتها في زيارة للقدس وكانوا قد سبقوني الى بيتي ينتظرون قدومي للعشاء.
عانقت بعض الأخوة من جديد وتركت المصلى أنا وأخي مودعين الشباب, متحدثين عن حلاوة الصلاة في جماعة وفي مصلى, حدثت صديقي عن رغبتي في أن يكون في كل حرم جامعي مصلى, ورجوت أن يكون في جبل المشارف مصلى يزدان فيه الحرم الجامعي, فللأسف لا زالت سلطات الجامعة تتهرب من تخصيص مصلى هنالك, وبالرغم من طلبات وضعت أمام الجامعة, لا زالت تحترف التهرب من تلبة طلبنا.
سرنا من جديد في نفس الدهليز تحت الأرض, وصلنا لأخر مفترق قبل الخروج, نظرت خلفي لأرى ذكريات المصلى, فلمحت ذالك الأخ يخلع عنه قميصه الأخضر ليزدان صدره بملابس بيضاء من دون شعارات, كانت تلك أخر ذكرى من ذكريات المصلى.

الأحد، 10 يناير 2010

الخميس، 7 يناير 2010

أوامر الهدم- تعددت الوسائل والهدم واحد

هدم بيوت العرب في اسرائيل والتضييق عليهم ومنعهم من إستغلال أراضيهم والبناء عليها هي التحدي الأكبر أمام المواطنين العرب في اسرائيل, وهي الوسيلة المفضلة لدى إسرائيل لسرقة أراضي العرب ومصاردتها ومنعهم من التوسع في قراهم ومدنهم.

سأحاول في هذه المقالة تسليط الضوء على الطرق الأساسية والقوانين الرئسيسة التي تعتمدها السلطة الاسرائيلية لهدم البيوت العربية, ومن خلال التحليل البسيط للقانون سأعطي بعض النصائح لكيفية مواجهة أوامر الهدم, بعضها نصائح ما قبل اصدار أوامر الهدم ومنع صدورها, وبعدها ما بعد صدور أمر الهدم بمحاولة لإلغائه.

القانون الرئيسي الذي تعتمد عليه إسرائيل هو قانون التخطيط والبناء 1965 والذي يرسم ثلاث طرق رئسية وثلاث أنواع من أوامر الهدم, وهي: أوامر هدم إدرية. أوامر هدم قضائية بدون إدانة, وأوامر هدم قضائية مع إدانة.
سأحاول تلخيص أهم الأساسيات لأوامر الهدم بناءاً على بنود القانون المختلفة والسوابق القضائية دون سردها وتفصيلها.

أوامر الهدم الإدارية:
تستند أوامر الهدم الإدارية على البند 238أ لقانون التخطيط والبناء لعام 1965 والذي ينص على أنه يحق لرئيس اللجنة المحلية للتخطيط والبناء (نفس الصلاحية معطاة لرئيس اللجنة اللوائية) إصدار أمر هدم إداري ضد بناء إذا توفرت الشروط التالية مجتمعة:
أ‌. أقيم البناء بدون ترخيص.
ب‌. المبني غير مسكون مدة تزيد عن 30 يوم.
ت‌. المبني غير جاهز ولم تنتهي أعمال البناء فيه مدة زادت عن 60 يوم.

القانون ينص على أنه يجب تقديم تصريح مشفوع بالقسم من قبل مهندس البلدية الذي يؤكد توفر الشروط المذكورة أعلاه قبل أصدار أمر الهدم الإداري. ويجب إصدار أمر الهد خلال 30 يوماً من يوم تقديم تصريح المهندس.
أمر الهدم الإداري ساري المفعول لمدة 30 يوم فقط. ويدخل لحيز التنفيذ بعد 24 ساعة من إلصاق أمر الهدم على المبنى.

كما ترى فإن أمر الهدم الإداري موجه ضد الأبنية الجديدة التي هي في طور الإنشاء والتي لم تسكن فترة تزيد عن شهر, والقانون الإسرائيلي بنصه يجعل مهمة إلغاء أمر الهدم ضد المباني التي مازالت طور الإنشاء "مهمة شبه مستحيلة".
* بالرغم من الشروط الضيقة لأمر الهدم الإداري والتي تجعل مهمة إلغائه صعبة, إلا أنه وحسب السوابق القانونية فإنه يمكن إلغاء أمر الهدم الإداري بالرغم من الشروط أعلاه إذا وقعت في عملية إصدار أمر الهدم أية شوائب من مجال القانون الإداري. مثل عدم وجود تشاور حقيقي جدي بين رئيس اللجنة والمستشار القانوني. عدم معرفة رئيس اللجنة بوقائع مهمة يمكن أن تؤثر على قراره وغيرها الكثير.

أوامر الهدم القضائية بدون إدانة:
أوامر الهدم من هذا النوع هي أوامر الهدم التي يتم إستعمالها أساساً في منطقة البستان في سلوان القدس وفي النقب لهدم البيوت العربية المسكونة منذ سنين.
أمر الهدم من هذا التوع يستند على البند 212 لقانون الهدم والتدمير الإسرائيلي والذي ينص أنه يمكن للمحكمة أن تصدر أمر هدم قضائي ضد بناء غير مرخص إذا توفر أحد الشروط التالية.
1. لا يمكن العثور على الشخص الذي قام بمخالفة البناء.
2. لا يمكن إيصال دعوى من المحكمة للشخص الذي قام بمخالفة البناء.
3. الشخص الذي قام ببناء المبنى لم يعد مالك المبني.
4. لا يمكن إثبات هوية الشخص الذي قام بالبناء.
5. الشخص الذي قام بالبناء توفى أو لا يمكن تقديم محكمة ضده لسبب قانوني. (بسبب التقادم, أو قرار براءة سابق أو غيره).
هنالك شرط إضافي يجب أن يتوفر مع أحد الشروط أعلاه حتى يتم إصدار أمر هدم من هذا النوع وهو, وجود مصلحة عامة وجماهيرية التي تدعم وتؤيد هدم المبنى ( مثل البناء في شارع أو منطقة عامة وغيره).

هذا النوع شائع أيضاً في منطقة المثلث وذالك لأن "المصلحة العامة" من جهة نظر القانون الإسرائيلي هي أيضاً البناء في منطقة لا يوجد بها مخطط بناء أو منطقة خضراء.
الطريقة الأمثل لمهاجمة أمر الهدم من هذا النوع هي "مهاجمة" المصلحة العامة وضحدها.

أوامر الهدم القضائية مع إدانة:
أوامر الهدم هذه هي الشائعة, وتتم بعد تقديم لائحة إتهام ضد الشخص بسبب قيامه ببناء بدون ترخيص, يتم تغريمه بالمحكمة وإلزامة بدفع غرامة مالية, ويتم إصدار أمر هدم مؤجل لفترة بضع أشهر حتى يحاول الشخص العمل على إصادر رخصة بناء. في حالة عدم إمكانية الحصول على رخصة بناء وعدم مصادقة المحكمة على إعطاء فترة تمديد إضافية للعمل على ترخيص المبنى , يمكن هدم البيت عن طريق اللجنة المحلية أو اللوائية.
( ملاحظة مهمة:- لا يمكن هدم البيت عن طريق لجان البناء الا إذا تم تخويل لجنة البناء بذالك صراحة في قرار الحكم الأصلي).
إذا لم يكن هنالك تخويل للجنة البناء بهد البيت, فعندها يتم تغريم الشخص بمخالفة أخرى, وأحياناً بسجنه حتى يهدم هو بيته بيده.

أهم نصيحة في أوامر الهدم هذه هي أن لا تعطي المحكمة تخويل وصلاحية للجان التنظيم والبناء بهدم البيت, وعندها لا يمكن هدم البيت الا اذا قام صاحب البناء بهدمه بنفسه ويمكن فقط سجنه وتغريمه.
طبعاً هنالك عدة طرق ووسائل لمواجهة لائحة الإتهام وإصدار حكم براءة ضد المتهم.

هذا ملخص بسيط وعلى عجالة, لأني بعرف أنو هيك مواضيع مملة شوي, ولكن على كل حال يمكن أن يستفيد البعض من هذه الأسطر ويسعدني إعطاء الأجوبة على كل إستفسار.