السبت، 16 يناير 2010

الكتابة والنشر في الإنترنت- ما بين حرية التعبير ومنع القذف والتشهير



لا يخفى على الجميع أن صفحات الإنترنت والمدونات الإلكترونية أصبحت أكثر وسائل النشر والتعبير عن الرأي إنتشاراً, فقد أصبح من السهل عليك أن تجلس أمام شاشة الحاسوب في ساعات فراغك, تترجم مشاعرك وأفكارك وأحاسيسك إلى كلمات تكتبها بالضغط على "أزرار" بلاستيكية على لوحة المفاتيح, فترتسم على تلك الشاشة الزجاجية التي أمامك جمل وصفحات, هي بنات أفكارك وخيالك.
أحياناً الكتابة في المدونات هي طريقنا للهروب من الواقع المر الذي نعجز عن تغييره, فنهاجمه بأقسى الكلمات على صفحات الشبكة العنكبوتية. وأحياناً ما تكون هذه الصفحات هي الوسيلة الأسهل لتفريغ غضبنا وإحتقان مشاعرنا ضد واقع مرير وحال تعيس نأبى التسليم به.
في أحيان أخرى كثيرة, تكون المدونات وصفحات الشبكة هي أسهل الطرق لنهاجم أولئك الأشخاص والرموز الذين نلومهم ونضع عليهم أوزار المجتمع, فترانا ننتقد بعضهم ونسخر من بعضهم الأخر, وأحياناً بعضنا يسبهم ويشتمهم.

قد يوافقني معظمكم اذا قلت أن معظمنا يشعر بأن حدود الكتابة على صفحات الإنترنت هي مفتوحة ولا محدودة, وبعضنا يعتقد أن من حقه الكتابة والحديث عن الذي يريده وبالطريقة التي يريدها من دون رقيب أو رادع, ويظن بعضنا أنه مسموح لك أن تنشر ما تريد وأن تشتم من تريد وأن تسخر ممن تريد, فأنت تجلس في غرفتك ربما في مكان معزول عن العالم, وحيداً مبتعداً عن الناس في أغلب الحالات, لا تشعر بالتهديد والخوف الذي ينتابك أحياناً حين إنتقاد شخص يقف أمام عينيك ويواجهك, خاصة وأنه يمكنك الكتابة متخفياً وفي إسم مستعار ودون أن يستطيع الناس معرفة هويتك وشخصيتك, فيكنك أن تسمي نفسك "داي الشجاع" أو "كونان" أو "مجرد عابر سبيل".
في الحقيقة هذا التصور خاطئ ومغلوط وهنالك الكثير من الأمور "الممنوع" كتابتها والتي تعتبر "غير قانونية" والتي من الممكن أن تعرضك للمشاكل ولطائلة القانون, وسأحاول التطرق الى الممنوع المسموح كتابته ونشره من منظور حرية التعبير عن الرأي وحدوده بقانوني منع القذف والتشهير وقانون حماية الخصوصيات في القانون الإسرائيلي.

من الجيد البداية بالقول أن المحاكم والقانون يعطيان أولوية كبيرة وأهمية لحرية التعبير عن الرأي خاصة في الإنترنت, ولكن هذه الحرية محدودة وتخضع لموازنات مع عدم القذف والتشهير بالأشخاص ومنع التعدي السافر على خصوصياتهم.

قانون منع القذف والتشهير (إيسور لشون هراع) يعطي في البند الأول تعريفاً واسعاً شاملاً "للقذف والتشهير" الممنوع, حيث يدخل فيه :
"أي شيئ نشره وإعلانه قد يؤدي الى إهانة شخص في نظر الناس, أو جعله هدفاً للكراهية أو للسخرية أو للإحتقار. كان الأمر متعلقاً بتصرفاته أو صفاته أو من الممكن أن يضر بعمله أو وظيفته. وأيضاً إحتقار الشخص بسبب لونه أو قوميته أو دينه وما شابه".

كما ترى أخي الحبيب الكثر من الأمور التي تنشر من الممكن أن تكون ممنوعة حسب القانون. وعلى فكرة, وسيلة النشر حسب القانون هي "كل وسيلة نشر" يعني برضو الشبكة العنكبوتية.
برضو على فكرة, القانون يعطي الشخص المتضرر من النشر حق التقدم بدعوى للمحكمة والمطالبة بتعويض مادي قد يصل الى 50,000 شيكل بدون إثبات أي ضرر. يعني مجرد النشر الذي يحوي على قذف وتشهير.

سيقول البعض يعني أذا كان هذا الحال فلنقفل المدونات والصفحات الإلكترونية! فالجواب هو لا ولا, لأن القانون يفصل المسموح واللممنوع وسأحاول شرح ذالك بتبسيط وفقط سأتطرق للأشياء التي تهمنا هنا , بس بعينكوا الله تتحملوا شويت ملل وضجر من الشرح.

المسموح كتابته بشكل مطلق:
إذا كان الشيئ المنشور هو حقيقة وصدق وفيه أهمية للجمهور. يعني مش بس الحكي مزبوط, لازم برضو يكون إشي يهم الناس. يعني ممنوع تحكي عن صاحبك إنو بخيل ونودنيك وبايخ حتى لو كان الحكي مزبوط, لأنه هذا الإشي ما بهم حدا (غيرك).
ولكن يمكنك أن تقول عن رئيس البلدية عندكم بالبلد أنه سرق كيس حليب من السوبر ماركت, لأن هذا الحكي مزبوط وصحيح ولأنه بهم أهل البلد, يعني إذا بسرق كيس حليب معناها شو مع الميزانية 50 مليون شيكل!!

اذا كان النشر هو بطيبة قلب ونية صافية وقلب أبيض فهذا الأمر مسموح إذا كان فيه أحد الأمور التالية:
· اذا كنت لا تعلم عن الشخص المتضرر أو أنه يمكن أن يكون في الأمر قذف وتشهير.
· أو اذا كانت نوعية العلاقة بينك وبين ذالك الشخص تضع عليك واجب قانوني أو أخلاقي أو إجتماعي بالنشر والإعلان. ( يعني أذا بدك تتبرأ عن صاحبك لأنه ما عزمك على فنجان قهوة أو لأنه قتل قتيل أو لأنه بدو يتجوز واحدة مطلقة 5 مرات وعندها 10 ولاد وعمرها 42 سنة فعندك واجب أخلاقي وإجتماعي تحكي قصته)
· برضو إذا كنت تدافع عن نفسك أو عن شيء يخصك أو عن حق لك فهذا مسموح.
· أو إذا كان النشر تعبيراً عن رأيك إتجاه تصرف شخص له مكانة أو منصب جماهيري, أو أتجاه أقواله أو ماضيه أو أراء هذه الشخص الناتجه عن تصرفه. ( يعني إذا أثنين مشايخ وقادة حركات إسلامية بهدلوا الإسلام ودارو يسبوا على بعض وهذا يقول للثاني إنت كذاب وهذا يقول للثاني أنت منافق وأقوالك عهر وعامل حالك شيخ- بهيك حاله بتقدر تحكي عليهن شو بدك وأنا بظهرك)

خلاصة الحديث, أذا كان قولك يبدأ بجملة أنا أعتقد وأنا أظن - يعني بتعبر عن رأيك وإعتقادك في أمور عامة فهذا على الأغلب مسموح-
أما اذا كان النشر هو إظهار الأمر على أنه حقيقة وواقع- فيجب أن يكون الأمر فعلاً كذالك وفيه أهمية للناس.

على فكرة, النشر ليس فقط بالمدونات بل أيضاً بالتعقيبات على المواضيع في المواقع المختلفة. فإذا كان النشر مسيئ فيمكن إلزام الموقع الناشر بكشف تفاصيلك- يعني البريد الألكتروني اذا وجد ورمز وموقع الحاسوب الذي تم منه النشر وما الى ذالك) يعني دير بالك بالتعقيبات.

في الحقيقة الموضوع أوسع من ذالك بكثير ولكن سنكتفي بهذا القدر منعاً للملل.

طيب سؤال أخير ؟ إذا نشرت في مدونتك صورة لشخص معين وهو مشترك في مظاهرة/ يصلي في المسجد/ يجلس في أروما/ يجلس في صالون بيته/ يجلس في مكتبه, فهل هذا مسموح أم ممنوع؟؟

الجواب هو أين وكيف تم تصوير الصورة وكيف يتم نشر الصورة وفي أي سياق! يعني للتوضيح:
قانون حماية الخصوصيات (هجنات هفرطيوت) ينص على الأمور الممنوعة وفيما بينها:

تصوير شخص بحالة وجودة في مكان خاص أو منعزل- ليس في مكان عام- يعني إذا كان موجود في بيته أو غرفته أو في ساحة منزله وما شابه فذالك التصوير ممنوع ونشر الصورة أيضاً ممنوع.
أما إذا كان الشخص يجلس في قهوة الجامعة أو على شاطئ البحر العام أو يسير في الشارع أو في مظاهرة عامة أو في المسجد فهذا التصوير مسموح.
هذه من ناحية التصوير نفسه ( حتى من دون نشر), ولكن بالنسبة لنشر الصورة فإن نشر الصورة يكون ممنوع اذا كان الأمر قد يتسبب بإهانة الشخص أو تحقيره حتى لو كان تصوير الصورة جائز. مثال:
إذا صورت صورة شخص وهو يشترك في مظاهرة قانونية ضد قسط التعليم الجامعي فهذا التصوير مسموح ونشر الصورة في مقالة بهذا الصدد مسموح. ولكن إذا نشرتها تحت عنوان أحداث شغب ومظاهرة غير قانونية قام بهم الشخص صاحب الصورة فهذا ممنوع.

أيضاً تصوير شخص وهو يجلس في أروما هو مسموح ونشر الصورة في سياق أروما والطلاب العرب أو أروما/عروبا فهذا مسموح. ولكن نشرها تحت سياق قهوة تبيع المخدرات والخمر في قرية عربية, فهي صورة نشرها يكون ممنوع لأنها تهين هذا الشخص وتحقره.

أرجو أن يكون في هذه المقالة بعض الفائدة المرجوة وأرجو أن أكون وضحت بعض من الأمور وأعتذر عن الملل والإطالة. وطبعاً إذا كان هنالك إستفسار عن حالة معينة فيسعدني أن أرد عليها على البريد.

هناك تعليقان (2):

  1. بارك الله فيك أخي عمر وأرجو أن يكون في المقالة بعض الفائدة

    ردحذف