الأربعاء، 20 يناير 2010

الطلاب العرب في الغربة- ما بين الخوف وبين نشوة الحرية (الجزء الثاني)


ربما معظم طلابنا الجامعيين وبينهم أولئك الذين يتعلمون خارج البلاد في دول أوروبا قد مروا تجربة مماثلة مع ذويهم, تجربة تخويف وتحذير من القضايا الأمنية, وتحذير بأن لا يقوموا بأي نشاط سياسي أو وطني أو قومي خارج البلاد وداخل البلاد, لأن "الجميع مراقب".
ولا بد أن كثيرأ من طلابنا هؤلاء يحترف الصمت والسكون السياسي, ويحدث نفسه يومياً, إياك والسياسة, لا مظاهرات لأن الشاباك يراقب كل المظاهرات وكل الطلاب العرب في الخارج.
إياك والصلاة في المساجد, لأن الشاباك والمخابرات المحلية يراقبان كل المساجد.

ولا بد أن كل طالب مغترب قد سمع من أهله قصص لطلاب مغتربين تم إعتقالهم على أيدي المخابرات بسبب إتصالات مع طلاب عرب أجانب أو مع "عملاء" لدول عربية أو لحزب الله أو لحماس وغيرهما.

فقد تم إعتقال مجموعة من شباب سخنين درسوا في الأردن بسبب العلاقة مع عميل لحركة حماس.
وقد تم إعتقال شاب يدرس الطب من قلنسوة في ألمانيا بسبب علاقة مع عميل لحزب الله.

سأحاول ببعض الأسطر القادمة تسليط الضوء على قضية "الإتصال مع عميل أجنبي" والمخالفة القانونية والجزائية المنصوص عليها بالقانون الإسرائيلي, بهدف التوعية والإرشاد أولاً, وبهدف التحذير ثانياً. فكثير من طلابنا العرب في الخارج يقع ضحية لهذا الموضوع, فبعضهم ينجرف في تيار "البطولات" القومية والوطنية فيكون ضحية لعميل يوقعه في السجن فيدمر حياته, وهذا نحذره من التهور.

وبعضهم الأخر يكون أسيراً للخوف فلا يشارك في مظاهرة ولا بصلاة في مسجد ولا في أي نشاط إجتماعي, فهذا نحاول توعتيه وإرشاده لكي لا يكون مجرد طالب يركض وراء شهادة جماعية لا يبالي بقضايا شعبه ووطنه.


من ناحية المبدأ القانوني العام فإن القانون الإسرائيلي نافذ على كل مواطن إسرائيلي أينما كان, حتى لو كان في دولة أجنبية, خاصة بما يتعلق في المخالفات والمواضيع "الأمنية", ويمكن القول وإتباع القاعدة القانونية ألتي تقول: أن كل ما هو ممنوع في إسرائيل ممنوع خارج البلاد, وما هو مسموح في إسرائيل مسموح خارج البلاد.
يعني إذا كانت الصلاة في مسجد يصرخ فيه الشيخ ما يشاء ضد سياسية الدولة هو أمر مسموح, فإن الصلاة في مسجد في ألمانيا في ظروف مشابهة هو أمر مسموح.
وإن كانت المظاهرة في إسرائيل ضد الحرب على غزة هي أمر مسموح به, فإن المظاهرة في لندن أو برلين ضد سياسات إسرائيل هو أمر مسموح أيضاً.

وإن كان الإلتقاء واللقاء مع عضو من حماس أو حزب الله أو القيام بأي عمل ضد الدولة هو مخالفة قانونية في إسرائيل, فإن الأمر نفسه مخالفة في خارج البلاد, والقانون اللإسرائيلي يعاقب على ذالك.

سأشدد في هذه الأسطر على المخالفة القانونية المعروفة بإسم "التواصل أو الإتصال مع عميل أجنبي" ( مجع عيم سوخن زار/سوخن حوتس). والتي هي المخالفة العامة التي يقع فيها الكثير من الطلاب العرب في خارج البلاد, والقانون يمنع أي إتصال وأية علاقة أو تواصل مع شخص هو عميل وعامل لدولة أجنبية "معادية لإسرائيل" أو عميل لمنظمة معادية لإسرائيل مثل حزب الله وحماس.

البند 114 لقانون العقوبات ينص كالتالي:
(أ) الذي يقيم وهو واع وعلى علم, تواصل مع عميل أجنبي ولا يوجد لديه تبرير منطقي لذالك, جزاؤه السجن حتى 15 سنة.
(ب) إذا حاول شخص إقامة تواصل مع عميل أجنبي, أو قام بزيارة مكان سكن أو عمل العميل الأجنبي أو تواجد برفقته, أو عثر معه على إسم أو عنوان عميل أجنبي ولا يوجد لديه تبرير منطقي لذالك, جزاؤه مثل جزاء المتواصل مع عميل أجنبي. ( سجن حتى 15 سنة).
(ج) في هذا البند, تعريف "عميل أجنبي" – يشمل كل شخص يوجد شك إتجاهه بأنه يعمل, أو تم إرساله للعمل من قبل دولة أجنبية أو تنظيم إرهابي أو لأجلهم, لجمع معلومات سرية أو أمور أخرى الممكن أن تضر بأمن دولة إسرائيل وأيضاً يوجد شك منطقي للشك به أنه عضو في تنظيم إرهابي أو له علاقة به أو يعمل من قبله.
(د) لا يدان شخص بهذا البند إذا ثبت للمحكمة أنه لم يقم بأي عمل ولم يقصد القيام بأي عمل الذي يمكن أن يؤدي للإضرار بأمن الدولة.

أيضاً البند 111 للقانون ينص على منع إعطاء معلومات للعدو كتالي:
الذي ينقل وهو واع لذالك, معلومات للعدو أو من أجله, جزاؤه السجن حتى 10 سنوات. إذا كانت المعلومة قد تفيد العدو جزاؤه السجن حتى 15 سنة. إذا قصد الشخص الضرر بأمن الدولة جزاؤه السجن المؤبد, أدى الشخص بإهماله لإيصال معلومة للعدو والتي يمكن أن تفيده, جزاؤه السجن حتى 3 سنوات.

من بنود القانون المذكورة أعلاه, يتبين أن كل علاقة مع شخص مرتبط والذي يعمل مع دولة أو تنظيم معادي لإسرائيل هي علاقة ممنوعة والقانون يعاقب عليها.

يعني ببساطة أخوتي وأخواتي الذين تدرسون خارج البلاد وداخل البلاد, إذا حدث وتعرفتم على شخص, عرفتم من خلال حديثه أنه يعمل أو هو عضو بأي تنظيم معادي للدولة فعليكم بالحذر وقطع العلاقة معه, لأنه في كثير من الأحيان يكون العملاء والناشطون في التنظيمات والدول المعادية للدولة مراقبين من قبل أجهزة المخابرات إما للدولة الأوروبية وإما للمخابرات الإسرائيلية, خاصة على ضوء موجة الحرب على الإرهاب في كل دول العالم, لذالك كل علاقة "مشبوهة" حتى ولو كانت من وجهة نظرك علاقة عادية فربما تكون مراقبة وربما تنكشف في أخر الطريق, لذالك من الأفضل عدم المخاطرة بعلاقات مع أشخاص "مشبوهين" لأن النتائج قد تكون وخيمة وسيئة.

لا يعني المذكور أعلاه أن تقطع علاقاتك بكل شخص عربي ومسلم تتعرف عليه في الغربة, بل العكس, من الجيد والمفيد التعرف على مسلمين أوروبيين والتعلم منهم, بل عليك الإستفادة كل الإستفادة من وجودك في الغربة والإحتكاك مع مسلمين وعرب وأجانب من شتى بقاع الأرض, فسنة الله في الكون "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا, إن أكرمكم عند الله أتقاكم", لذالك إخوتي إستغلوا نشوة الحرية في الغربة, تعلموا وطوروا شخصياتكم وإشحذوها بالعلم والفكر والتألق, حتى تعودوا فرساناً وقادةً لمجتمع هو بأشد الحاجة أليكم,
ولكن عليكم إخوتي الحذر في تكوين العلاقات والصداقات والتروي بتطويرها للتأكد من الأشخاص الذين تتعرفون عليهم. خاصة وأن هنالك أشخاص وظيفتهم وعملهم الإيقاع بالطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج.

طب سؤال ثاني ونصيحة ثانية, سألني أخ طيب " شو مع أشخاص يؤيدون فكرياً تنظيمات ودول ضد إسرائيل, يعني بعملوش إشي!" بس بحكوا؟؟
الجواب أخي الكريم, خلي حبك وتأييدك لمنظمات هي إرهابية حسب القانون الإسرائيلي لنفسك وخلي حبك بقلبك, يعني خليه حب عذري!!

القانون الإسرائيلي ينص أيضاً, حسب قانون منع الإرهاب لسنة 1948, أن الشخص المؤيد لمنظمة إرهابية جزاؤه السجن حتى 3 سنوات.

والتأييد حسب القانون هو كل شيء من الأمور التالية:
- النشر, إما خطياً أو شفهياً, مديح, تأييد أو دعوى للمساعدة أو دعم منظمة إرهابية, أو
- الذي بحوزته مواد دعائية لمنظمة أرهابية, أو
-الذي يتبرع بأموال أو أمور عينية لصالح منظمة إرهابية, أو
-الذي يضع تحت تصرف شخص معين مكان من أجل أن يتم إستعماله من أجل منظمة إرهابية أو لأعضائه, بشكل دائم أو في مناسبات معينة, مكان عمل, إجتماع, دعاية أو مخزن.
-الذي يضع تحت تصرف شخص معين شيء من أجل أن يتم إستعماله من أجل منظمة إرهابية أو لأعضائه بعملية للمنظمة الإرهابية.
-الذي يقوم بأي عمل فيه إظهار تضامن مع منظمة إرهابية أو تأييد لها, برفع علم, أو إظهار شعار أو دعاية, أو بإسماع نشيد وطني أو نشيد خاص بالمنظمة, أو كل عمل علني مشابه الذي يظهر منه بشكل واضح تضامن أو تأييد, وذالك في مكان عام أو بشكل يمكن لأناس بمكان عام أن يروه أو يسمعوه.

لذالك يا إخوتي وكما يمكن أن تفهموا بأنفسكم, حتى الحب والتأييد ممنوع لمنظمات هي إرهابية حسب القانون الإسرائيلي, لا بكلام ولا بغرام ولا برسائل, ولا بحملان أعلام ولا بمظاهرة, يعني إذا بتحب حب لحالك وبقلبك ولا تكشف هذا الحب.
يعني القانون الإسرائيلي يقول لك: لا حماس ولا جهاد ولا حزب الله ولا قاعدة ولا تحب حدا ولا تأيد حدا ضد إسرائيل, حتى لو كان بلعب فطبول ( بمزح بالفطبول- هاي مسموحة).
أيد برشلونة وريال مدريد وحب البرازيل والأرجنتين وعلق أعلامهم, غير هؤلاء فهذا مخالف للقانون الإسرائيلي ويمكن أن تحاكم عليه وتضيع بسبب الحب. فدير بالك.


لذالك إخوتي, في ختام مقالتي نصيحتي إليكم هي كما نصحني أبي عندما كان عمري 18 سنة:

"إياك والتهور, فأنت مقبل على الجامعة وأية مخالفة وتصرف طائش قد يدمران مستقبلك وحياتك, تخيل لو تم إعتقالك, إنتظر بضع سنوات حتى تنهي تعليمك الجامعي وتبني شخصيتك وتطورها, وعندها إفعل ما تريد. فإن إعتقالك لن يفعل للأمة ولا للشعب شيئاً, ولكن أكاديمياً مثقفاً يهتم لحال أمته يخدم شعبه أكثر من ألف معتقل وسجين
".


والسلام

هناك تعليق واحد:

  1. بارك الله فيك ..
    تدوينة مميزة .. انصح الجميع بالقراءة :)

    ردحذف